بين أزمة البطالة والفقر: استراتيجيات مواجهة تحديات النمو السكاني في العراق

الزيادة السكانية في العراق وتأثيراتها السلبية

يوسف عايد، مزارع سابق من إحدى قرى نينوى، عانى من تداعيات شح المياه وظروف الحياة القاسية التي أجبرته على النزوح مع أسرته إلى منطقة العبور غرب الموصل. كان يوسف، كأبناء جيله، يعتمد على الزراعة وتربية الماشية، لكن الجفاف وقلة الموارد أجبره على تغيير مجرى حياته. اضطر لبيع كل ما يملك من أغنام بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف ونقص المراعي، مما جعله بلا مصدر دخل.

الأزمات الاجتماعية نتيجة النمو السكاني

شهدت مناطق الجنوب والغرب في نينوى زيادة هائلة في عدد النازحين بحثًا عن فرص أفضل للحياة، حيث لم تعد قراهم صالحة للزراعة. وبالرغم من الاستقرار الجديد، إلا أن يوسف وابناؤه وجدوا أنفسهم في حالة من البطالة والفقر، حيث عمل كأحد سائقي سيارات الأجرة بينما انخرط أبناؤه في مجالات العمل البديلة. وبدلاً من استكمال دراستهم، تركوا المدارس ليعيلوا أسرتهم.

تراكم النزوح بسبب البطالة أدى إلى تفشي الفقر وظهور أحياء عشوائية تفتقر إلى الخدمات الأساسية. ومع استمرار الأزمات، تخلفت الحكومات المتعاقبة عن تحديث المدن الكبرى كالبصرة وبغداد والموصل. وهذه الأزمات تفاقمت بتزايد السكان الذي تخطى 46 مليون نسمة، مما زاد من الحاجة إلى توسيع البنى التحتية في مجالات الصحة والتعليم.

تواجه البلاد تحديات عديدة تشمل نقص المياه، حيث تسببت السدود التركية في تقليل تدفق الأنهار الهامة، مما أثر سلبًا على المشروعات الزراعية وزيادة عدد الهاربين من المناطق الريفية إلى المدن، التي تعاني من شح المياه الصالحة للشرب. أما البطالة والفقر، فلا تزال من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمعات العراقية، حيث يعتبر الاقتصاديون أن معظم الإجراءات الحكومية غير كافية لمعالجة هذه الأزمات.

يظهر العلماء والخبراء ضرورة تنويع الاقتصاد العراقي، بعيدًا عن الاعتماد الأحادي على النفط، والعمل على توفير البدائل من خلال دعم الصناعة والزراعة. فهناك حاجة ملحة لخلق وظائف جديدة، وتحسين مستوى المعيشة، وتطوير مشاريع تنموية متكاملة تتماشى مع الزيادة السكانية.

على الحكومة أن تأخذ خطوات جريئة لتجديد البنية التحتية وتوسيع نطاق الخدمات. وتنفيذ مشاريع تهدف إلى تأمين مياه الشرب وحماية البيئة. وفي ظل هذا التزايد السكاني المطرد والظروف الاقتصادية الصعبة، يتطلب الوضع تدخلًا عاجلًا ومنظمًا يضمن تقديم الخدمات والرعاية المناسبة لكل السكان في المستقبل.