اختيار مصيري للعراقيين: بين حاكمية شيعية أو إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق!

جمهورية مع إيران: أزمات العراق المتزايدة

يواجه العراق أزمات جديدة، حيث عاد النقاش حول إمكانية تشكيل “جمهورية مع إيران” تجمع 11 محافظة عراقية، وذلك في حالة تعرض ما يُعرف بـ”الحاكمية الشيعية” لتهديد. هذا الطرح جاء نتيجة لمواقف سابقة، حيث كانت هناك دعوات علنية من بعض الأوساط القريبة من الفصائل إلى الانفصال وتأسيس “جمهورية شيعية” في الجنوب أو إقليم مستقل يهدد الشراكة الوطنية. ومع تغير المعادلات، بدأ الحديث عن قبول هذه الشراكة ولكن بشكل غير مريح، وكأنها ضرورة لادارة الدولة بدلاً من كونها خياراً طبيعياً.

تحديات الحاكمية الشيعية

إن استحضار “الحاكمية الشيعية” كمسوغ لطرح كيانات بديلة او خيارات انفصالية، سواءً باسم الإقليم أو الجمهورية، يعد تعبيراً عن نمط متكرر لاستخدام التهديدات خلال إعادة ضبط موازين القوى. يرى مراقبون أن هذا التحول من الدعوة للانفصال إلى الشراكة المشروطة، ثم الحديث عن “جمهورية مع إيران”، لا يعكس برنامجًا سياسيًا بل يدل على مأزق في إدارة العلاقة بين السلطة والمجتمع والمشكلات الداخلية والإقليمية. ويشير إلى أن مثل هذه الأطروحات ليست أكثر من أوراق ضغط تهدف إلى ابتزاز الخصوم داخليًا وزيادة تكاليف المواجهة خارجيًا.

وفي حديثه، أشار أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، إلى تداول تصريحات لبعض المحللين القريبين من الفصائل العراقية حول إمكانية تأسيس جمهورية مرتبطة بإيران، مشيراً إلى أن هذه التصريحات هي رد فعل على الضغوط التي تسلطها بعض الشخصيات العراقية المقيمة في الخارج. وتحليل التميمي يعكس أن الانتقال من خطاب الانفصال إلى “جمهورية مع إيران” هو تعبير عن حالة دفاعية متعثرة أمام التحديات الداخلية والخارجية.

كما شدد التميمي على أن هذا الضخ الإعلامي يعكس محاولة ابتزاز مرتبطة بأجندات خارجية. وتريد هذه الأطروحات أن تستغل التوترات الحالية، رغم أن الدستور العراقي يؤكد على وحدة العراق، هناك أيضاً رفض إقليمي ودولي لأي مشاريع تقسيم. وتظهر التجارب أن الأنظمة التي تلجأ إلى تهديدات الانفصال أو الارتباط الخارجي غالبًا ما تستخدمها كتكتيك تفاوضي سرعان ما يتراجع إلى الوراء.

أما عن واقعية هذه الطروحات، فيوضح التميمي أن فكرة تأسيس جمهورية أو السيطرة على 11 محافظة هي فكرة بعيدة عن الواقع بسبب العوامل الداخلية والتوازنات الخارجية. كما أن القيود المفروضة على القوى المحلية تنبع من تركيز النظام الدولي على استقرار الشرق الأوسط لأهمية مصادر الطاقة. ويضيف التميمي بأن أي حرب إقليمية ستكون لها تأثيرات ضخمة على الدول المحيطة، حيث أن الغرب يسعى إلى إثارة الفتن الطائفية لبلوغ أهدافه.

ختامًا، يظهر أن الخطاب الجاري هو نتاج سلسلة طويلة من مواقف متناقضة، ابتدأت بدعوات للانفصال ثم الانتقال إلى قبول شراكة مضطربة، وصولاً إلى الدعوة لجمهورية مع إيران. هذه التغيرات لا تعكس رؤية استراتيجية بل تنبع من حالة من الارتباك السياسي. ورغم العقبات التشريعية الراسخة التي تؤكد على وحدة العراق، تبقى إمكانية تحقيق هذه الطروحات غير واقعية. الأثر المباشر يكمن في زيادة التوترات السياسية داخل العراق، في الوقت الذي تظل فيه الوحدة العراقية حقيقة مفروضة نتيجة وقائع غالبة ومصالح القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لضمان الاستقرار في المنطقة.