أمريكا تمنح الفصائل مكافآت: وسام مقاومة وزيادة التأثير في المعركة السياسية المقبلة بالعراق
قرارات الإدراج على لوائح الإرهاب وتأثيرها على العراق
تعتبر القرارات الخاصة بإدراج الأفراد والكيانات على لوائح الإرهاب من بين الأدوات القانونية الأكثر حساسية في السياسة الأمريكية، حيث تستخدم لتقييد حركة الأشخاص وتفكيك ارتباطاتهم بالشبكات المالية العالمية. وعندما يتعلّق الأمر بالعراق، فإن إدراج أربعة فصائل على هذه اللوائح له أبعاد تتجاوز الجوانب الأمنية المباشرة، ليشير إلى تصاعد الفتنة بين واشنطن ومحور إقليمي يتصل بإيران.
تصنيفات الإرهاب وتحديات السيادة الوطنية
تشير المناقشات القانونية إلى أن هذه الخطوات تؤثر على سيادة الدول المضيفة، حيث تواجه الحكومات تحديات في التوازن بين الضغوط الخارجية ومتطلبات الداخل. وبحسب التفسيرات القانونية، فإن التصنفيات الإرهابية تشمل تدابير لتجميد الأرصدة وتعزيز القيود على السفر، بل قد تتحول إلى وسائل ضغط سياسية تلزم بغداد باتخاذ مواقف أو إجراءات لم تكن ضمن أولوياتها. ومع ذلك، تحمل هذه التصنيفات طابعًا داخليًا معقدًا، إذ ترى الفصائل في إدراجها وسام شجاعة يقوي موقفها في نظر الجمهور. قادة الجماعات المسلحة يستخدمون هذه التصنيفات كدليل على عزمهم في “معركة المقاومة”، وهو ما يمكنهم من استغلال التصنيفات الأمريكية لتعزيز خطاباتهم الانتخابية وإقناع قواعدهم الشعبية بأنهم يتصدون لـ”المشروع الأمريكي والإسرائيلي” في العراق.
يعتبر بعض الباحثين في الشؤون الاستراتيجية أن إدراج الفصائل العراقية يعد بمثابة علامة على تصعيد متدرج في التوتر بين الولايات المتحدة وهذه الجماعات. يؤكد الخبير عباس الجبوري أن هذا القرار يعكس تفاقم الصراع، ويهدف إلى تضييق الخناق على مصادر تمويل تلك الفصائل. ويترتب على هذا النوع من القرارات تداعيات مثل تجميد الأرصدة ورفع مستوى القيود على السفر، بالإضافة إلى إمكانية ملاحقات دولية للقيادات المصنفة.
على الرغم من أن التأثيرات المباشرة قد تتأخر في الظهور داخل العراق، إلا أن الضغوط الخارجية قد تضع الحكومة أمام تحدي صعب يتمثل في حماية سيادتها الوطنية مع الحفاظ على علاقتها مع واشنطن. ويؤكد الجبوري على أن الإدراج على لوائح الإرهاب سيزيد الضغط على الحكومة العراقية لقبول موقف أكثر وضوحًا، مما يزيد من حالة الاستقطاب السياسي ويؤثر على التوازنات في الساحة العراقية.
تظهر التجارب الدولية أن مثل هذه القوائم غالبًا ما تستخدم كأداة لإعادة تشكيل التوازنات السياسية، مما يعد العراق أمام تحديات جديدة تتجاوز المخاطر الأمنية لتصل إلى الجوهر السياسي. يتزامن هذا القرار الأمريكي مع ضغوط متزايدة من الكونغرس، خاصة من النواب الجمهوريين الذين يدعون إلى سياسة صارمة تجاه النفوذ الإيراني في العراق. وقد أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن إدراج الفصائل المرتبطة بإيران يأتي كجزء من التزام واشنطن بمواجهة هذه الفصائل ومنعها من شن هجمات ضد المصالح الأمريكية.
هذا الربط بين الفصائل العراقية والمشروع الإيراني يعكس محاولة لعزلها دوليًا وتجفيف مواردها، مما يزيد من قوة الخطاب الأمريكي المتعلق بوجود العراق في صراع إقليمي مفتوح. إن الخطوة الأمريكية تعكس تحول الصراع مع الفصائل العراقية إلى مرحلة جديدة قد تؤدي إلى تصعيد سياسي وأمني متزايد، حيث تحاول واشنطن عزل هذه الجماعات بينما تسعى الأخيرة لاستغلال الضغوط لتعزيز موقفها السياسي. وبذلك يصبح العراق ميدان اختبار مزدوج: أولاً، قدرة الحكومة على موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة دون الإخلال بالاستقرار الداخلي، وثانيًا، قدرة الفصائل على مواجهة القيود الدولية دون فقدان نفوذها في المعادلة السياسية.
تعليقات