القاهرة: من الوساطة إلى الريادة – هل تستعيد العاصمة مكانتها التقليدية؟

ملامح الدور المصري في القضية الفلسطينية

في زمن يتشابك فيه الدم بالسياسة ويتقاطع الدمار مع الخرائط، تجد القاهرة نفسها على عتبة مفترق طرق جديد يغير معالم الصراع الفلسطيني والإقليمي. الهجوم الذي استهدف مقر حركة «حماس» في الدوحة لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كان دليلاً على ضرورة إعادة النظر في مسارات الصراع، مما يطرح تساؤلات ملحة: إلى أي جهة سيتجه قادة الحركة الآن بعد تدهور خياراتهم؟ وهل يعود دور القاهرة كوسيط رئيسي في وقت تتصاعد الضغوط والتحديات؟

القاهرة: وسيط تاريخي في الملف الفلسطيني

منذ زمن بعيد، لا يمكن تناول القضية الفلسطينية دون النظر إلى دور مصر الفاعل. فالقاهرة لم تقتصر على دور المراقب، بل كانت بمثابة لاعب رئيسي، سواء من خلال الاتفاقيات أو الوساطات المستمرة بين الفلسطينيين وإسرائيل. موقعها الجغرافي والعلاقة التاريخية التي تربطها بالمقاومة الفلسطينية يجعل منها لاعبًا لا يمكن استبعاده، على الرغم من أن هذه الأهمية شهدت تراجعًا في بعض الأحيان بسبب الانشغالات الداخلية والضغوط الاقتصادية.

لكن مع تزايد الضغوط الخارجية، يبرز احتمال توجه القاهرة لاستضافة قادة حماس كخيار بديل. إلا أن هذا القرار يحمل معه مضاعفات معقدة ترتبط بالضغوط الدولية والإقليمية، حيث قد تواجه مصر ردود أفعال سلبية من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تعتبر حماس تهديدًا لأمنها.

وعلى الرغم من المخاطر المحتملة، إلا أن هناك مكاسب استراتيجية يمكن أن تستفيد منها القاهرة، مثل تعزيز موقعها كوسيط رئيسي في القضية الفلسطينية وإعادة تثبيت حضورها الإقليمي. كما يمكن أن تمنحها هذه الورقة مزيدًا من القوة في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية.

مع ذلك، يجب أن تؤخذ في الحسبان المخاطر المرتبطة بالخطوة، مثل مواجهة دبلوماسية مع إسرائيل والتحولات المحتملة داخل العالم العربي بين الدول المؤيدة والمعارضة. تحت هذه الظروف، يمكن استغلال الفرص إذا أدركت القيادة المصرية ضرورة العودة إلى الريادة، ولكن هذا يتطلب توافقًا عربيًا لدعمها.

أسئلة كبيرة تطرح نفسها اليوم، هل ستتمكن القاهرة من إعادة إشعال مكانتها كقوة مؤثرة كما كانت في الماضي؟ وهل ستجتمع الدول العربية لدعمها؟ في نهاية المطاف، لا يمكن تصور عودة القاهرة إلى مركز ثقلها دون دعم عربي فعّال، فهو شرط أساسي لتحقيق أي نجاح في هذا الاتجاه.