حوار عراقي يكشف آفاق العلاقات السعودية – الإيرانية المستقبلية

تطور العلاقات بين السعودية وإيران

منذ توقيع “اتفاقية بكين” في مارس 2023 بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً. تمثل هذه الاتفاقية بداية جديدة لتنظيم الخلافات، حيث تهدف إلى خفض التوتر في منطقة الخليج العربي، وتعزيز الحوار كأداة لبناء علاقات دائمة ومستدامة. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وفي حديثه مع “الشرق الأوسط”، وصف العلاقات الثنائية بأنها تدخل مرحلة غير مسبوقة من التعاون، مؤكداً أن السعودية تعتبر لاعباً رئيسياً في المنطقة الإسلامية، وأن كلا البلدين يمثلان قطبين مهمين.

تحسن التعاون الثنائي

لقد عُقدت عدة لقاءات بين عراقجي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال العام الماضي، وهذا ما اعتبره الوزير الإيراني غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين. تأتي هذه اللقاءات في وقت يتسم بتصريحات سعودية قوية تدين الهجمات الإسرائيلية، مما يعكس رغبة حقيقية في تحسين العلاقات. ولذلك، فإن المملكة تبدو جادة في هذا الاتجاه، مستندة إلى رؤية استراتيجية تشمل خفض التوتر في الشرق الأوسط وتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.

إلى جانب التقدم السياسي، تمثل عودة الحجاج والمعتمرين الإيرانيين مؤشرات إيجابية على استعادة الزخم في العلاقات الاجتماعية. إذ استقبلت السعودية هذا العام أكثر من 80 ألف حاج إيراني، مع توقعات بوصول عدد المعتمرين إلى 400 ألف. تتمتع الرياض بمبدأ واضح في الفصل بين الجوانب الدينية والسياسية، حيث تعتبر خدمة ضيوف الرحمن واجباً تجاه جميع المسلمين.

ومع ذلك، لا يزال هناك قضايا تحتاج إلى حل، حيث يشير عراقجي إلى أن الأبعاد الاقتصادية لم تُفتح بشكل كامل. كما توجد خلافات حول قضايا إقليمية مثل اليمن ولبنان، مما يعيق الوصول إلى توافق شامل. من جانب آخر، يبقى خطاب إيران الرسمي داعماً للاستقرار، لكن تظل هناك ممارسات عسكرية واستفزازات تحمل تناقضات تؤثر على البيئة الأمنية الإقليمية.

في الختام، تتجه السياسة السعودية نحو بناء الثقة مع إيران بشكل تدريجي، مع ضرورة استعداد إيران لإظهار التزام حقيقي بتهدئة الأوضاع الإقليمية. إذا تمكنت إيران من تحويل أقوالها إلى أفعال، فقد تسهم في استقرار إقليمي غير مسبوق. أما إذا استمرت التوترات والمواجهات، فقد تتعثر مسارات الثقة.