استثمار الإمارات في أفريقيا
زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات إلى أنغولا تمثل نقطة تحول مهمة تعكس رغبة الإمارات في تعزيز وجودها في القارة الأفريقية، في إطار سعيها للاندماج ضمن الاقتصاد العالمي الجديد.
تعتبر أفريقيا مكمنًا غنيًّا بالموارد الأساسية اللازمة للطاقة النظيفة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يوفر سواحل مهمة للتجارة العالمية. كما تتمتع القارة بسوق واسعة، يتميز غالبية سكانها بالشباب. تسعى الإمارات من خلال شراكاتها إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تسهم في بناء اقتصاد متنوع.
الشراكات الاقتصادية
تبدأ أبوظبي بتوجه براغماتي هادئ، عبر إعادة رسم خريطة الخدمات اللوجستية، وتعزيز الطاقة المتجددة، وتوفير التمويل الذكي الذي يحفز النمو الاستثماري. تعتبر أنغولا مثالًا حيًا، حيث تسعى لتطوير شراكات تؤدي إلى تحويل مواردها إلى مشاريع ملموسة. هذه الشراكات تتيح للإمارات تقديم قيمة اقتصادية وتنموية مقابل الوصول إلى الأسواق الأفريقية.
كما أن المقاربة الإماراتية ليست مجرد صفقة واحدة، بل تشمل حزم مترابطة تتضمن تطوير الموانئ والمناطق الحرة، بالإضافة إلى مشاريع في مجالات الطاقة والاتصالات والعقارات. هذه الاستراتيجية تربط التجارة الأفريقية بممرات المحيط الهندي وآسيا، مما يعزز من القدرة التنافسية لسلاسل الإمداد لديها ويوفر بدائل أكثر مرونة في حالات الأزمات.
وعلى مدار الفترة من 2019 إلى 2023، قامت الشركات الإماراتية بالإعلان عن تنفيذ مشاريع في أفريقيا بقيمة تصل إلى 110 مليارات دولار، منها 72 مليار دولار في مجال الطاقة المتجددة، مما يؤكد على دور الإمارات الرائد في دعم المشاريع الجديدة بالقارة.
ورغم التحديات العالمية، حافظت الإمارات على مركزها كواحدة من أكبر أربعة مستثمرين في أفريقيا على مدار العقد الماضي، إلى جانب الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مما يعكس استراتيجيتها المتنوعة والمستدامة.
يمثل التوجه الإماراتي نحو العمق الأفريقي جزءًا من رؤيتها “نحن الإمارات 2031″، التي تهدف لتحقيق اقتصاد متنوع، ومكانة دولية مؤثرة، ومجتمع معرفي يدفع نحو الابتكار. وبتعاونها مع الدول الأفريقية، يمكن للإمارات تطبيق نموذجها المتقدم في التحول للطاقة النظيفة، مما يعزز من أمنها الاقتصادي على المدى البعيد.
كما أن تنويع الشراكات الاقتصادية هو الركيزة الأساسية لفهم المقاربة الإماراتية، حيث تركز على إنشاء شبكة من المصالح تتجاوز الاصطفاف في المحاور السياسية. وتتيح هذه المرونة لأبوظبي تحقيق مصالحها عبر علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة وآسيا وأفريقيا وأوروبا.
تحولت دبي إلى بوابة الشركات الأفريقية نحو الأسواق العالمية، مما يعكس نجاح الإمارات في بناء بيئة أعمال جاذبة من خلال استقرار تشريعي وتنظيمي فعال. ويعبر الدكتور أنور قرقاش عن رؤيته بأن العمل مع القارة الأفريقية هو توجّه استراتيجي يتطلب الثقة والتخطيط.
وبهذا، تسعى الإمارات من أبوظبي إلى لواندا لتعزيز استثماراتها عبر أدوات التنمية الحديثة، مما يشكل أساسًا متينًا لبناء شراكات قادرة على تحقيق نتائج ملموسة ومؤثرة. ]]>
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة
تعليقات