من الدعم إلى التمويل: كيف تحولت أموال الخليج إلى شريك في تعزيز قوة الجيش الأمريكي؟

أزمة استثمارات العالم في كيان الاحتلال الإسرائيلي

في ظل صراعات مستمرة واحتدام الأزمات الجيوسياسية، تتكشف الحقائق الاقتصادية التي تعكس تحولاً عميقاً في العلاقات الدولية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. لم يعد الأمر مجرد مواقف سياسية فحسب، بل أصبح الانسحاب الاقتصادي وتراجع الثقة هو السمة البارزة. يشير تقرير الأونكتاد لعام 2025 إلى أن كيان الاحتلال يعاني من أزمة ثقة هائلة لدى المستثمرين، حيث انخفض صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 46%، متراجعاً من 11.9 مليار دولار في عام 2022 إلى 6.4 مليار دولار في نهاية عام 2024. هذا الانخفاض يعكس توجهاً عالمياً نحو تقييم المخاطر الناجمة عن الاستثمار في هذا الكيان، والذي أصبح مصدراً لمخاطر سياسية وأمنية وقانونية.

تراجع الاستثمارات الأجنبية

لم تقف تداعيات هذا الانسحاب عند الشركات الصغيرة، بل طالت أكبر المؤسسات المالية الدولية. في خطوة غير مسبوقة، أعلن الصندوق السيادي النرويجي سحب استثماراته بالكامل من 11 شركة إسرائيلية، يأتي ذلك بعد التحقيق في تورط الصندوق في شركات تقوم بتزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالتقنيات العسكرية. كما تبعت صناديق التقاعد نحو هذا الاتجاه، حيث أعلنت صراحة عن عدم استعدادها لدعم أي تمويل يساهم في آلة الحرب. هذا يُظهر كيف أن القيم الأخلاقية بدأت تتشكل قاعدة لاتخاذ قرارات استثمارية، مؤكدة أن الأموال العامة لا يمكن أن تُستخدم لتمويل انتهاكات حقوق الإنسان.

في الوقت نفسه، يبرز تناقض صارخ، إذ تتدفق أموال من دول عربية، خصوصاً السعودية والإمارات وقطر، نحو شركات الأسلحة الأمريكية التي تزود إسرائيل بالمعدات العسكرية. ففي عام 2024، أصبحت السعودية أكبر شريك أجنبي للولايات المتحدة في مبيعات الأسلحة، حيث أنفقت أكثر من 80 مليار دولار، مع توجه 80% من هذه المبالغ نحو الشركات الأمريكية. هذه الاستثمارات لم تعد تقتصر على صفقات شراء الأسلحة التقليدية، بل أضحت شراكات عميقة تُساهم في تطوير الصناعات العسكرية، مما يُبرز التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة.

وبذلك، يُظهر هذا المشهد الاقتصادي تبايناً في ردود الأفعال تجاه كيان الاحتلال، حيث يعبر الغرب عن رفضه للانتهاكات من خلال سحب الاستثمارات، بينما تستمر الاستثمارات العربية في التمويل والمشاركة في الآلات العسكرية. تُطرح تساؤلات حول الأبعاد الأخلاقية والسياسية لهذه التغيرات، وهل تسير الأهداف الاستراتيجية في اتجاه تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، أم أن للعلاقات الاقتصادية حسابات أخرى تتجاوز المبادئ الأخلاقية.