الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات
يعكس مرسوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء «الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات» نهجاً استراتيجياً متقدماً في تطوير السياسة التشريعية للإمارات، من خلال دمج الجهود الرقابية وتعزيز التنسيق مع القوانين المرتبطة بالصحة والأمن والعدالة، مما يسهم في ترسيخ سيادة القانون وضمان الحماية المجتمعية وتعزيز تعاون الدولة مع الشركاء الدوليين لمواجهة هذه الآفة العابرة للحدود.
مواجهة المخدرات
أشار المحامي والمستشار القانوني عيسى بن حيدر إلى الدور الحيوي للتنسيق الدولي والإقليمي في تعزيز جهود مكافحة المخدرات، حيث أن التعاون مع المنظمات الدولية، مثل «إنتربول»، يسهم في تحقيق النجاح في مكافحة الجرائم العابرة للحدود. وذكر أن «الجهاز» سيعزز من هذا التنسيق عبر تبادل المعلومات والخبرات مع الشركاء الدوليين وفق إجراءات قانونية واضحة، مع مراعاة الالتزامات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
كما أضاف أن الجهاز الجديد يمتلك صلاحيات واسعة لإبرام شراكات واتفاقات تعاون مع دول ومنظمات عالمية متخصصة في مكافحة المخدرات مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومجلس وزراء الداخلية العرب ومنظمة الجمارك العالمية، مما يساعد في توحيد الجهود الدولية والإقليمية لمكافحة شبكات التهريب والترويج للمخدرات، إذ أن الإمارات ملتزمة بجميع المعاهدات الدولية المتعلقة بمكافحة المخدرات.
وأشار إلى أن احترام الإجراءات القانونية والإدارية التي تعتمدها الإمارات في تنفيذ الاتفاقيات الدولية يعزز مكانتها كدولة قانون تتعاون بشكل فعال، ويمثل ثقة المجتمع الدولي في أنظمتها العدلية، مما يجعل الجهاز علامة فارقة في تاريخ تطوير السياسة الجنائية للدولة.
التكامل القانوني
وأكد المستشار القانوني الدكتور علاء نصر أن إنشاء «الجهاز» يمثل تكاملاً حيوياً مع المرسوم بقانون اتحادي رقم (38) لسنة 2024 بشأن المنتجات الطبية، ويعتبران خطوتين نوعيتين نحو تطوير إطار قانوني متكامل يهدف إلى ضمان سلامة المنتجات الطبية في الدولة. كما تؤدي هذه البيئة التشريعية القوية دورًا رقابيًا وتنظيميًا بالغ الأهمية في ضبط تداول المواد الدوائية الحساسة، مما يمثل رؤية متقدمة لتعزيز فعالية المنظومة الدوائية.
وأضاف أن هذه التشريعات تشدد على ضرورة الالتزام التام بالرقابة على المنتجات الطبية التي تحتوي على مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية، مما يضمن عدم وقوعها في أيدٍ غير مخولة. كما تفرض شروطًا صارمة على الجهات المصنعة والموردة لضمان الالتزام بمعايير الجودة والسلامة، مما يعكس تطور المنظومة الرقابية في الإمارات.
وأوضح أن هذه القوانين تفرض على المنشآت الصيدلانية والطبية مسؤوليات قانونية مشددة تتعلق بحفظ سجلات دقيقة لجميع العمليات الخاصة بتداول وصرف المنتجات الطبية المحتوية على مواد مخدرة، مع ضرورة إخضاع تلك السجلات لرقابة دورية من الجهات المختصة، مما يسهم في منع أي تجاوزات قد تحدث.
سيعمل الجهاز، من خلال دوره الرقابي والتنسيقي، على تعزيز تطبيق هذه المواد القانونية ويساعد في تحقيق أهداف الدولة نحو ضمان استخدام آمن وقانوني لجميع المنتجات الطبية.
البنية القانونية
أكد المحامي والمستشار القانوني أحمد الزرعوني أن الجهاز، إلى جانب قانون الجرائم والعقوبات ومرسوم مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، يشكل البنية القانونية الأساسية التي تعتمد عليها الدولة لمواجهة خطر المخدرات والمؤثرات العقلية. يعكس ذلك نهجًا تشريعيًا متقدماً ويعزز القدرة المؤسسية على تطبيق هذه القوانين بشكل شامل وفعال، ضمن منظومة متكاملة توحد الجهود الأمنية والقضائية والتشريعية.
وأشار إلى أن هذه القوانين تشدد العقوبات على مرتكبي جرائم الاتجار والترويج للمخدرات والتعاطي، وستكون أداة قانونية مهمة بيد الجهاز الوطني الجديد لتنفيذ استراتيجيات المكافحة، خاصة في ظل ما يوفره القانون الجديد من هيكل مؤسسي مستقل يتمتع بمرونة واستقلالية تنظيمية واسعة، مما يعزز كفاءة الجهاز الوطني في تقديم المخالفين للقضاء وتطبيق العدالة.
تعليقات