استمرار ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج في المملكة العربية السعودية باتت حديث المجتمع، حيث يواجه العديد من الشباب والأسر تحديات مالية متزايدة بسبب المتطلبات المرتفعة للزواج وزيادة المهور، إضافةً إلى ارتفاع تكاليف تجهيز السكن والاحتفالات وما يرافقها من ولائم وبذخ. هذه الأعباء المالية أثرت سلبًا على معدلات الزواج، مما دفع بعض الشباب للاحتفاظ بلقب العزوبية في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة والضغوط الاجتماعية المتزايدة. ورغم أن ظاهرة مغالاة مصاريف الزواج ليست جديدة، فقد دعت الهيئات الدينية والاجتماعية مرارًا إلى تبني الاعتدال في المهور والنفقات والابتعاد عن الإسراف، استنادًا إلى المبادئ الإسلامية التي تشجع على التيسير وتجنب التبذير.
التأثيرات الاجتماعية لارتفاع تكاليف الزواج
إن الزيادة في تكاليف الزواج أثرت بشكل مباشر على معدلات الزواج في المملكة، ما نتج عنه تحديات اجتماعية تتطلب جهودًا منسقة لمعالجتها، كما تشير الإحصاءات إلى بعض الحقائق المثيرة:
- زيادة نسبة الذكور السعوديين الذين لم يتزوجوا من 41.5% في عام 2010 إلى 45.5% في عام 2020، وفقًا للمركز الإحصائي الخليجي.
- تشير دراسة أجراها المركز السعودي لاستطلاعات الرأي عام 2022 إلى أن 39% من المواطنين غير المتزوجين يفضلون البقاء بلا زواج.
- بلغت نسبة الإناث الشابات غير المتزوجات 56.8% حسب إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2023.
- وصل عدد السعوديات اللاتي تجاوزن سن الزواج ولم يتزوجن إلى 230,512 امرأة من بين أكثر من مليوني سعودية أعمارهن تتجاوز 15 عامًا.
- تسجل النسبة الأكبر من الذكور غير المتزوجين بواقع 73.7% من فئة الشباب.
الردود الرسمية على مشكلة ارتفاع كلف الزواج
في السنوات الأخيرة، صدرت تحذيرات دينية ومبادرات حكومية للتصدي لمشكلة غلاء المهور وتكاليف الزواج، حيث تم تناول هذه القضية في العديد من المؤتمرات الرسمية، وكان لمجلس هيئة كبار العلماء مواقف واضحة:
- حذر المجلس من الإسراف في حفلات الزواج، ودعا للحد من تكاليف الولائم والاحتفالات.
- سلطت خطب المساجد ومجالس العلم الضوء على أهمية تخفيف المهور والاعتدال في المصاريف.
- أوصت الجهات المعنية بزيادة وعي المجتمع حول مخاطر المغالاة وتوجيه رسائل عبر وسائل الإعلام ومأذوني الأنكحة.
- أشار مجلس هيئة كبار العلماء إلى ضرورة قيام جميع الأطراف بدورهم في معالجة هذه القضية بشكل اجتماعي.
مداولات مجلس الشورى حول تحديد المهور
في شهر مارس من عام 2004، تم مناقشة اقتراحات لمجلس الشورى حول إمكانية تحديد حد أقصى للمهور لتخفيف الأعباء عن الشباب الراغبين في الزواج، ولكنه توصل إلى عدة نتائج مهمة:
- أوضح المجلس أن الالتزام بتحديد سقف للمهور سيكون صعبًا بسبب احتمال التحايل من بعض الأطراف.
- تم الإشارة إلى أن تغيّر قيمة النقود بمرور الوقت يجعل من الصعب وضع حد موحد للمهور.
- بين المجلس أن المشكلة لا تكمن فقط في قيمة المهر، بل في الارتفاع الكبير لكافة تكاليف الزواج الأخرى.
في ظل تعقد الحلول والتحديات المتعلقة بارتفاع تكاليف الزواج، تبقى الحاجة قائمة لمزيد من الدراسات والتعاون بين المؤسسات الدينية والاجتماعية. كما تبرز وسائل الإعلام مثل “غاية السعودية” كمصدر مهم يسلط الضوء على هذه القضية، مع التأكيد على ضرورة التوعية والاعتدال للحد من الظاهرة وتداعياتها السلبية على المجتمع السعودي.
تعليقات