ألمانيا تتخلى عن شراء حصة في «تيسن كروب» الدفاعية وتخطط لعقد اتفاق أمني جديد بحلول 2025
تطورات السياسة الدفاعية في ألمانيا
شهدت ألمانيا مؤخرًا تحولًا بارزًا في السياسة الصناعية تجاه شركة تيسن كروب والدفاع، حيث تراجعت الحكومة عن فكرة شراء حصة في وحدة “تي كيه إم إس” المتخصصة في الصناعات الدفاعية. هذا التحول يعكس اهتمامًا كبيرًا بالتملك الحكومي في قطاع الدفاع، وقد جاء بعد مجموعة من المداولات بين المستشارية ووزارتي الاقتصاد والدفاع، حيث تم الاتفاق على استبدال خيار الاستحواذ المباشر بنموذج جديد يرتكز على الشراكة الأمنية.
استراتيجية بديلة لتعزيز الأمان القومي
تسعى الحكومة الألمانية من خلال الاتفاق الأمني الجديد مع وحدة “تي كيه إم إس” إلى حماية المصالح الحيوية للدفاع الوطني وضمان استقرار الوظائف في الوحدة، حتى في حالة انفصالها عن شركة “تيسن كروب”. يتضمن الاتفاق آليات تواصل وتنسيق استراتيجية تضمن تماشي القرارات مع متطلبات الأمن القومي، مع منح الحكومة حقوقًا قوية تضمن عدم انتقال الملكية إلى مستثمر استراتيجي دون موافقة الدولة.
على الرغم من تراجع الحكومة عن التملك الحكومي المباشر، أكدت شركة “تيسن كروب” استمرارية خطط فصل وحدة “تي كيه إم إس” كما هو مقرر، دون الحاجة لوجود شراكة حكومية في الملكية. هذا التوجه يعكس رغبتها في تعزيز استقلالية الوحدة وتحسين قدرتها التنافسية في الأسواق الأوروبية والعالمية، لتكون قادرة على تلبية متطلبات السوق الحديثة وتحقيق كفاءة تشغيلية أعلى.
تأتي هذه التحولات في سياق تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوروبا نتيجة الحرب في أوكرانيا والضغوط المتزايدة على ألمانيا لتعزيز قدراتها الدفاعية. تهتم الشركات الكبرى في مجال الدفاع، بما في ذلك “تي كيه إم إس”، بتطوير استراتيجيات تتماشى مع الأهداف الدفاعية الأوروبية ومتطلبات حلف الناتو، خصوصًا بعد زيادة مخصصات الإنفاق العسكري الألماني بعد فترة طويلة من التراجع.
يرى المحللون أن استخدام نموذج الشراكة الأمنية بدلاً من الاستحواذ المباشر يعكس توجه الحكومة نحو تقليل التدخل الحكومي الصارم في القطاع الدفاعي، مع الحفاظ على السيادة الوطنية من خلال الأطر الرقابية التي تتيح مزيدًا من الحرية للقطاع الخاص.
في سياق آخر، يتوقع أن تتأثر العلاقات الدولية لألمانيا بالشؤون القانونية المتعلقة بالشركات التقنية، مثل ممارسات الحكومة الأمريكية تجاه شركة هواوي، مما قد يؤثر على مواقف الدول الأوروبية من الشركات التكنولوجية في مجال الدفاع. كما قامت الحكومة الألمانية بإصدار توجيهات للسيطرة على سوق الأسمنت في محاولة لتحسين إمدادات البنية التحتية الحيوية.
تعكس هذه التطورات رغبة الحكومة في خلق توازن بين تعزيز القدرات الدفاعية واستقلالية القطاع الصناعي، مع تأمين المصالح الوطنية عبر أدوات استراتيجية متطورة.
تعليقات