الجيوسياسة والمواجهة مع الهيمنة الغربية
يمثل منظِّرو الحروب والجيوسياسية الذين نشأوا في ظل ثقافة القطب الواحد موارد مهمة لفهم التطورات في المنطقة، لا سيما في مواجهة العدوان الإسرائيلي. في خضمّ هذه الأحداث، يبرز المفكر الروسي ألكسندر دوغين، الذي يُعتبر من أبرز الداعين لمشروع التعددية القطبية، لتنبيه العالم الإسلامي إلى ما يراه فرصة أخيرة لمواجهة الهيمنة الغربية والانخراط في بناء نظام عالمي جديد قائم على تعدد الأقطاب. يشير دوغين إلى أن إيران، على سبيل المثال، خسرت فرصة تاريخية لتعزيز تحالفها مع روسيا، ولذا إذا كانت طهران قد أدركت استهدافها المباشر من قبل إسرائيل، لاتخذت خطوات فعالة لتقوية شراكتها مع موسكو. ووفق دوغين، فإن روسيا كانت تتمتع بالجاهزية لهذا التعاون أكثر من إيران، لكنه يعرب عن قلقه من أن الوقت قد يكون قد فات، مما يجعل ما كان ممكنًا تجنبه وشيكًا.
التحديات والآفاق
في سياق تحليل دوغين، يتضح أن موقف روسيا هو موقف واضح ضد الحرب والاعتداءات الإسرائيلية وتدخل الغرب في شئون الدول ذات السيادة، مع التأكيد على ضرورة الدفاع عن السيادة والعمل وفق قيم تقليدية. من خلال كتاباته، قدّم رؤية حول إمكانية تحوّل العالم الإسلامي إلى كتلة جيوسياسية مستقلة، تتبنى الدفاع عن سيادتها الحضارية. ويرى دوغين أن إسرائيل لا تقوم بتنفيذ استراتيجيتها بمفردها، فدعم الغرب، وبالأخص الولايات المتحدة، يظهر بشكل متكرر عندما تواجه إسرائيل الصعوبات، مما يستدعي تحذيرًا حول نتائج استمرار هذا الموقف إذا لم يتم إعادة تنظيم الصفوف.
ويعتقد دوغين أن النظام العالمي أحادي القطب، الذي ترأسه الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، يمرّ بلحظة حرجة، مع بداية ظهور نظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية. يبقى السؤال البارز هو: هل سيحصل العالم الإسلامي على مقعد في هذا التوازن الجديد، أم سيستمر في التبعية والنزاعات الداخلية؟
ويؤكد دوغين أن سياسة “فرِّق تسُد” هي عقيدة غربية راسخة، مما يحث على ضرورة الوحدة في ظل اللحظة الراهنة. ويشدد على الحاجة إلى تشكيل كتلة إسلامية سيادية قادرة على اتخاذ مواقف قوية بعيدًا عن الهيمنة الغربية، مشيرًا إلى أنه في حال عدم تحقيق ذلك، فإن مصير العالم الإسلامي سيكون التهميش أو حتى التلاشي كفاعل حضاري مستقل.
لذا، فإن الرد الأمثل يجب أن يكون:
– استراتيجياً متنوعاً وذكياً.
– تجنب التصعيد العسكري الذي قد يُستخدم كذريعة لمزيد من العدوان.
– التركيز على كسب المعركة السياسية والإعلامية، كوسيلة أكثر فعالية على المدى البعيد.
– تعزيز الرد الدبلوماسي والحشد الدولي من خلال رفع القضية في المحافل العالمية.
– توثيق الانتهاكات الأمريكية والإسرائيلية من خلال تقارير دقيقة.
– تعزيز التضامن الإقليمي والاقتصاد المحلي.
– إقامة تعاون مع دول مثل روسيا والصين لإنشاء مسارات تجارية ومالية بديلة عن النظام الغربي.
إسرائيل، إذن، تمثل تهديدًا وجوديًا. فهل من مُدَّكِر؟
تعليقات