الابتكار في التجزئة الرقمية
تعتبر الإمارات رائدة في مجال الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية وابتكار أساليب جديدة في عمليات التسوق، حيث تهدف الشركات حاليًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمات العملاء وتقديم تجارب تسوق أكثر تخصيصًا وثراءً. ومع زيادة الاعتماد على الحلول الرقمية، من المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا هامًا في تعزيز استراتيجيات البيع متعددة القنوات، مما يسهل الربط بين التجربتين المادية والرقمية بسلاسة، حيث يمكن للمستهلكين الانتقال بين القنوات بوتيرة مريحة وبتجربة خدمة متساوية.
التكامل القائم على التجربة
لم يعد البيع يقتصر على القنوات المنفصلة، بل أصبح التركيز ينصب على توفير تجربة تسوق متكاملة وسلسة لجميع المنصات، ما يضمن للعملاء، سواء كانوا يتسوقون عبر الإنترنت أو في المتاجر أو عبر تطبيقات الهواتف المحمولة، الحصول على نفس مستوى الخدمة العالي والاتساق. ومع ذلك، يظل التفاعل الصوتي باللغة العربية من التحديات التقنية الكبرى بالسوق بسبب نقص التمثيل للهجات المختلفة والحاجة إلى حلول تتماشى مع متطلبات الخصوصية. ووفقًا لتقرير صادر عن شركة «IMARC»، يُتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي التفاعلي في الإمارات ودول الخليج من 325 مليون دولار في عام 2024 إلى أكثر من 2.1 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 23.6%، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الحلول الصوتية المخصصة والمباشرة.
في سياق استراتيجيات البيع متعددة القنوات، تلعب الاستجابة للسلوكيات المتغيرة للمستهلكين دورًا حيويًا، حيث تتزايد شعبية المنتجات ذات العلامات التجارية الخاصة التي سجلت نجاحات ملحوظة في عام 2024. وأشارت شركة «نلسون كيو» أن هذه المنتجات لاقت إقبالًا كبيرًا، مما يعكس رغبة المستهلكين في الحصول على خيارات ذات جودة عالية وأسعار تنافسية. وهذا يفتح مجالًا واسعًا لتجار التجزئة لتقديم أو توسيع خطوط علاماتهم التجارية الخاصة، مما يعزز من ولاء العملاء ويحفزهم على العودة لشراء المزيد.
يتطلب الأمر من صناع القرار الاستثمار في البحث والتطوير لإنشاء منتجات فريدة ذات علامات خاصة تلبي الاحتياجات الحالية للسوق، مثل المنتجات العضوية والمستدامة والمحلية.
ومع تزايد أهمية خيارات «النقر والاستلام»، التي تتيح للعملاء إجراء الطلبات عبر الإنترنت واستلامها في الوقت والمكان المناسبين، يتضح أن الفروق بين التسوق في المتجر والتسوق عبر الإنترنت تتلاشى، مما يسهم في ظهور نماذج تسوق هجينة ترضي تفضيلات العملاء، حيث أظهرت الدراسات أن حوالي 59% من المستهلكين يفضلون التسوق عبر الإنترنت بينما يفضل 41% الشراء داخل المتجر. ولتكييف قطاع التجزئة مع هذا الاتجاه، يتطلب الأمر دمج التجربتين بسلاسة، مما يسهم في خلق تجارب تسوق حقيقية متعددة القنوات.
أما بخصوص مستقبل الذكاء الاصطناعي في قطاع التجزئة في الإمارات، فقد أشار بعض الخبراء إلى أن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتخصيص تجربة التسوق من المتوقع أن يتزايد بشكل كبير حتى عام 2025. حيث يتوقع حوالي 80% من التنفيذيين في مجال بيع السلع اعتماد أدوات الأتمتة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، مما يعكس الدور المتنامي لهذه التقنيات في تعزيز الكفاءة وتحسين تجربة العملاء. ومن الممكن أن ينعم تجار التجزئة الذين يعتمدون استراتيجيات تخصيص فعالة بزيادة تتراوح بين 20% و30% في معدلات التحويل ما يجعل الذكاء الاصطناعي استثمارًا ضروريًا.
فيما يتعلق بتحليلات البيانات والحوكمة وتكامل الأنظمة، أكد عدد من المسؤولين أن هذه العناصر تشكل الركيزة الأساسية لمستقبل التسوق الذكي، مما يساعد المؤسسات على اتخاذ قرارات مدروسة وسريعة في بيئات العمل المتغيرة. وقد أظهرت بيانات أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تمتاز بسرعة وفاعلية تفيد الشركات في مختلف القطاعات.
ويبين بعض الخبراء أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في نقاط تفاعل العملاء يسهم في تقديم توصيات آنية عبر منصات التسويق والتجارة الإلكترونية. وقد أظهر نحو 84% من مستخدمي هذه المنصات أن إدماجها يسهل من تحقيق مشاريع الذكاء الاصطناعي، بينما تواصل شركات التكنولوجيا العمل على تحسين تقنيات ربط البيانات وتفعيلها بشكل فوري، بما يمكّن المؤسسات من تحقيق عوائد استثمار أسرع وأكثر موثوقية.
تعليقات