لماذا تواصل السعودية دعم مبدأ حل الدولتين؟

الموقف السعودي الثابت تجاه القضية الفلسطينية

في حفل استقبال أقامه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالقصر الملكي في “منى” بتاريخ 7 حزيران/يونيو، أدلى بكلمة أمام كبار الشخصيات الإسلامية وضيوف خادم الحرمين الشريفين الذين أدوا فريضة الحج هذا العام، معبراً عن موقف سعودي راسخ بشأن القضية الفلسطينية. حيث قال: “يأتي عيد الأضحى المبارك هذا العام، ومعاناة إخوتنا في فلسطين مستمرة نتيجة العدوان الإسرائيلي، ونشدد على دور المجتمع الدولي في إنهاء التداعيات الكارثية لهذا العدوان، وحماية المدنيين الأبرياء، وإيجاد واقع جديد تنعم فيه فلسطين بالسلام، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية”.
لقد ألقِيَت كلمة ولي العهد في وقت خاص ومكان ذو أهمية دينية كبرى، وهذا يضفي بُعدًا رمزيًا على مضمون الرسالة. وعلى الرغم من قُصر الكلمة، فقد أولى الأمير محمد بن سلمان اهتمامًا كبيرًا للقضية الفلسطينية، مما يعكس موقفًا سياسيًا ودينيًا وأخلاقيًا واضحًا، يؤكد على دور المملكة كرائدة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني لإنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

الرؤية الاستراتيجية للمملكة

يتجلى هذا الموقف كامتداد لرؤية الأمير محمد بن سلمان، الذي أعلن في خطابه بمجلس الشورى السعودي في ديسمبر 2024 أن المملكة لن تتوقف عن بذل الجهود لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية. فقد أوضح أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون أن تتحقق هذه الأهداف. وهذا يؤكد على وجود معادلة صارمة في السياسة الخارجية السعودية، حيث إن أي تقارب مع إسرائيل مشروط بتحقيق حقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم.

ففي هذا السياق، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا في 5 شباط/فبراير يُشير إلى موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية. وأكد البيان أن هذا الموقف ليس محل تفاوض أو مزايدات وأن السلام العادل لا يُمكن تحقيقه من دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم وفقًا للشرعية الدولية. كما شاركت المملكة في “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” الذي عُقد في الرياض، حيث ناقش أكثر من 90 دولة سبل تحقيق الدولة الفلسطينية.

في هذا الإطار، أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان خلال حديثه في المؤتمر على عدم جدوى الاكتفاء بإدانات تعرض الشعب الفلسطيني. وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة التهديدات التي تقوض جهود السلام، بما في ذلك انتشار خطاب الكراهية وزيادة المستوطنات. وبيّن أن الفشل في إيجاد حل مستدام للصراع سيكون له تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الدوليين.

بناءً عليه، يعتبر المؤتمر المزمع عقده برئاسة سعودية-فرنسية مشتركة في 17 حزيران/يونيو فرصة ملائمة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وتحقيق خطوات عملية في هذا الاتجاه، لأن الإدانات اللفظية لم تعد كافية لمواجهة الاعتداءات المستمرة على غزة.