تحديات السوق المالية السعودية وأفاق المستقبل
شهدت السوق المالية السعودية تحديات ملحوظة منذ بداية عام 2025، تأثرت بعوامل محلية ودولية متشابكة، مما أدى إلى انخفاض أداء مؤشر السوق إلى أدنى مستوياته منذ 18 شهراً. يعود هذا التراجع إلى حالة من الحذر في صفوف المستثمرين، في ظل تزايد عدم اليقين المرتبط بالتوترات الجيوسياسية والتجارية، بالإضافة لتقلبات أسعار النفط. فقد أسهم تصاعد الحرب التجارية عالميًا، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، وتوسع السياسات الحمائية الأمريكية التي شملت فرض رسوم جمركية على واردات عدة دول، في خلق بيئة غامضة أثرت على معظم الأسواق في الخليج، بما في ذلك السوق السعودية.
تحديات السوق المالية
أيضًا، أثر قرار “أوبك+” بزيادة الإنتاج منذ مايو الماضي على أسعار النفط، التي شهدت تراجعًا نسبيًا، مما كان له أثر مباشر على أداء السوق. وقد تراجعت قيم التداول في بعض الجلسات إلى نحو 4.2 مليارات ريال، وهو ما يشير إلى انخفاض رغبة المستثمرين وزيادة الميل إلى الترقب. وهو ما أدى إلى تسجيل المؤشر العام “تاسي” خسارة شهرية بلغت 5.8% في مايو، مستمرًا في سلسلة من التراجعات التي تُعتبر الأطول منذ عام 2014. بالإضافة إلى ذلك، تركت النتائج المالية لبعض الشركات الكبرى، خاصة في قطاعات الكهرباء والمصارف، تأثيرًا سلبيًا على ثقة المستثمرين.
وأشار بعض المحللين إلى أن تزايد عدد الطروحات الأولية رغم ضعف السيولة، وخروج بعض الصناديق الاستثمارية، قد شكل ضغوطًا إضافية على السوق في هذه المرحلة. ورغم هذه التحديات، تُظهر السوق السعودية مقومات قوية تدعو للتفاؤل على الأمد المتوسطة والطويل. فقد أصبحت توفر فرصًا استثمارية متنوعة عبر قطاعات مختلفة وشركات متعددة الأحجام، مما يجذب شريحة واسعة من المستثمرين المحليين والدوليين، خاصة من أصحاب الرؤى الاستراتيجية.
تؤكد هذه التوجهات النشاط المتزايد في سوق الاكتتابات، حيث تم إدراج حوالي 23 شركة منذ بداية العام في السوقين الرئيسية والموازية، بزيادة تقارب 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما تمت الموافقة على طرح حوالي 24 شركة إضافية، بينما تخضع أكثر من 50 شركة أخرى للمراجعة تمهيدًا للطرح.
في الختام، ما تشهده السوق السعودية يمكن اعتباره مرحلة تصحيح طبيعية في مسار سوق واعدة، تُبنى على أساسات قوية وتستند إلى طموحات رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز جاذبية السوق المالية.
تعليقات