تحدي شرعية المجلس الرئاسي الليبي: اللافي يواجه المنفي في مواجهة حاسمة

تزايد التوتر السياسي والأمني في الساحة الليبية

تشهد ليبيا في الوقت الراهن تصاعدًا ملحوظًا في التوترات السياسية والأمنية، والتي تعكس انقسامًا حادًا داخل المجلس الرئاسي، يقوده ادعاء رئيس المجلس، محمد المنفي، بالاحتكار للقرار بالتعاون مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبدالحميد الدبيبة.

انقسام حاد داخل المجلس الرئاسي

يُعتبر التحالف بين المنفي والدبيبة محاولة للسيطرة على القرار، خاصة أن أغلبية القرارات الأخيرة التي اتخذها المنفي تمت دون أي مشاورات مع الأعضاء الآخرين، عبدالله اللافي ومحمد الكوني، مما يهدد وحدة المجلس ويقوض أساساته. يطرح هذا الوضع تساؤلات جدية حول مستقبل المجلس في حال استمر المنفي والدبيبة في احتكار صنع القرار، بما يخص الملفات الأمنية والعسكرية، مما قد يؤدي إلى تحديات وجودية تهدد قدرتهم على ممارسة صلاحياتهم المطلوبة.

تظهر المسألة بشكل واضح بعد إصدار المنفي لقرار تشكيل لجنة مؤقتة للترتيبات الأمنية في طرابلس، دون تشاور كافٍ مع باقي أعضاء المجلس، حيث جاء ذلك بعد إعلان الدبيبة عن اتفاق يخص الترتيبات الأمنية. وقد أكد اللافي، ممثل المنطقة الغربية، أن المنفي ليس لديه صلاحيات إجراء قرارات أحادية، مما يدل على وجود خلافات عميقة داخل المجلس.

كما أعرب اللافي عن استغرابه من وصف حكومة الدبيبة للمنفي بـ”القائد الأعلى للجيش الليبي”، معتبرًا أن ذلك يتناقض مع نصوص الاتفاق السياسي الذي ينص على أن هذه الصفة تعود للمجلس الرئاسي مجتمعًا، وليس لأي عضو بمفرده. أوضح اللافي أن صلاحيات رئيس المجلس تقتصر على تمثيل القرارات السياسية بالمحافل الدولية وإدارة جلسات المجلس، دون حقه في اتخاذ قرارات أحادية تؤثر على الأمن الوطني أو ترتبط بمسائل سيادية.

مع وجود دعوات متزايدة تتطالب برحيل الدبيبة وحكومته، أصبح المنفي في وضع محرج، حيث يُظهر استمرار التحالف بينه وبين الدبيبة كأنه محاولة للحفاظ على الوضع القائم، مما يهدد بأسس شرعية المجلس ككيان جامع للدولة. تلك الانتقادات المتكررة للافي تأتي ضمن سياق خلافات مطولة تعكس التحديات الكبيرة في العمل الجماعي داخل المجلس.

تعقيد الموقف يتسارع مع التحذيرات من أن الإجراءات الأحادية التي يصدرها المنفي قد تعطي إشارات خاطئة، قد تُستخدم فيما بعد لتبرير إعادة الاصطفاف الميداني، مما يهدد الاستقرار الذي تسعى إليه الأطراف المعنية. وفي ظل تلك الظروف، يبدو أن المجلس الرئاسي يحتاج إلى استراتيجيات فعالة لتعزيز التوافق الداخلي وتفادي تفاقم الأزمات في المستقبل.

القرارات التي يتخذها المنفي حاليًا تنبع من سياق صعوده إلى المنصب، حيث جاء كممثل للمجلس الرئاسي في إطار اتفاق سياسي، وليس كقائد عسكري أو سياسي بقاعدة شعبية. كما أن تشكيل اللجنة الأمنية الجديدة يؤكد على ضرورة ترسيخ الأمن بمدينة طرابلس، وسط أجواء من التوتر السياسي والأمني. وفي ظل هذه المعطيات، يبحث الجميع عن حلول توافقية للخروج من هذه الأزمات، مما يشدد على الحاجة للتعاون وتفهم الشركاء داخل العملية السياسية.