زيارة عباس عراقجي إلى بيروت: رسائل سياسية وطموحات لإعادة الإعمار
في إطار زيارة تُعتبر أكثر خصوصية من كونها رسمية، حضر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حفل توقيع كتابه الجديد في بيروت، مما فتح الأبواب لتأويلات سياسية متعددة. بدأت الزيارة من قصر بعبدا حيث التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي أكد على ضرورة تطوير العلاقات بين لبنان وإيران على أساس الاحترام المتبادل في إطار السيادة الوطنية.
تطلعات دبلوماسية وتعاون إقليمي
خلال لقائه، أشار عراقجي إلى دعم طهران لاستقلال لبنان وضرورة الحوار الوطني كمدخل لحل الأزمات المتعددة التي يواجهها البلد. وأكد التزام إيران بمواصلة الدعم مع احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. من جانب آخر، أعرب الرئيس عون عن أمل لبنان في تعزيز العلاقات مع إيران على أسس رسمية، مشددًا على أهمية إعادة إعمار ما تضرر بفعل الحروب الإسرائيلية كأولوية للدولة اللبنانية.
في محطته الثانية بزيارة عين التينة، أكد عراقجي عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري على استعداد الشركات الإيرانية للمساهمة في جهود إعادة الإعمار، إذا رغبت الحكومة اللبنانية في ذلك. ولفت إلى دعم بلاده للجهود المبذولة لإخراج إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مما يعكس الرغبة الإيرانية في إظهار قوة استراتيجيتها الداعمة لحلفائها في المنطقة.
تأتي هذه الزيارة في ظل مراجعة إيرانية لاستراتيجياتها الإقليمية وأدواتها السياسية، حيث تسعى طهران للانتقال من مرحلة التوترات العسكرية إلى آفاق سياسية أكثر سلاسة. بدت إيران أكثر حرصًا على عدم الانجرار إلى صراعات واسعة، إثر إدراكها أن استمرار الوضع الراهن يتطلب نهجًا براغماتيًا يمكنها من الحفاظ على مصالحها دون استثارة الأزمات. وبالرغم من اتسام العلاقة بين إيران وحزب الله بالتركيز العسكري، فإن هناك إشارات تدل على تحول في الطابع، بما يتماشى مع التحركات الإقليمية الجديدة.
يعكس هذا التحول في السياسة الإيرانية إدراكًا كبيرًا للتغيرات المحتملة التي قد تطرأ على سياسات الإدارة الأمريكية، خصوصًا مع عودة ترامب، مما يدفع طهران للتفكير في إعادة صياغة أولوياتها، بما يتوافق مع واقع شرق أوسطي متغير يبحث عن استقرار جديد. تتطلع إيران إلى التفاوض كوسيلة لإنهاء الصراعات، بعيدًا عن الاعتماد على سبل الفوضى والحرب، مما يفتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي المستدام والدعوة للاستقرار.
تعليقات