السعودية وقطر تعززان القطاع العام السوري: استثمارات اقتصادية أم تعزيز نفوذ سياسي؟

تحاول المملكة العربية السعودية وقطر تعزيز الاستقرار في سوريا من خلال دعم الحكومة السورية الجديدة، مما سيمكنها من تحسين الوضع الاقتصادي وإعادة إعمار البلاد التي تضررت بسبب الحرب المستمرة على مدى 14 عامًا.

دعم الحكومة السورية

أعلن البلدان في بيان مشترك عن تقديم دعم مالي مشترك للعاملين في القطاع العام السوري، يمتد لمدة ثلاثة أشهر، يأتي ذلك بعد مساهمتهما السابقة في تسديد المتأخرات المستحقة على دمشق للبنك الدولي، التي بلغت نحو 15 مليون دولار. يأتي هذا الدعم في سياق الجهود الرامية إلى “دعم استقرار سوريا” والتخفيف من المعاناة الإنسانية وتعزيز مردود الشعب السوري، انطلاقًا من الروابط العديدة التي تربط الدول الثلاث.

أكدت كل من السعودية وقطر على التزامهما بدعم جهود التنمية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، كما عبرتا عن رغبتهما في تنسيق الجهود مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الشركاء من المنظمات الإقليمية والدولية، لضمان الدعم الفعّال والمستدام للشعب السوري.

تقديم الدعم المؤقت

أشار وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أثناء زيارته لدمشق، إلى أن الدعم المالي سيكون لمدة ثلاثة أشهر، بهدف تمكين الحكومة من دفع رواتب موظفيها، وسط التحديات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات المفروضة سابقًا. رغم عدم ذكر حجم الدعم المالي المحدد من قبل الرياض والدوحة، إلا أن تلك الخطوة تبدو مشابهه لتلك التي قامت بها قطر مؤخرًا لتقديم تمويل للقطاع العام السوري.

في مايو الماضي، أعلنت سوريا عن منحة قطرية تقدر بـ 87 مليون دولار موزعة على ثلاثة أشهر قابلة للتمديد، تهدف إلى تغطية نحو خُمس الأجور الحكومية في بلد يعاني من اقتصاد منهك وقيود دولية. يعد الاقتصاد السوري ضحية لصراعات استمرت لأكثر من 14 عامًا، حيث يعيش تسعة من كل عشرة سوريين في ظروف فقر ويواجهون انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الدعم المالي تزامن مع زيارة وفد اقتصادي سعودي لمناقشة الاستثمارات في مجالات الطاقة والبنية التحتية، مما يعزز التوقعات بتحسين الظروف الاقتصادية ويفتح آفاقًا جديدة لمستقبل سوريا.

أسباب الدعم السعودي والقطري

يثير هذا الدعم الذي تقدمه السعودية وقطر تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية التي تسعيان لتحقيقها. وفقًا لكريم صادر، الخبير السياسي، فإن السعودية تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي في ظل التنافس الجيوسياسي بعد سقوط نظام الأسد، كما تأمل ايران من خلال رفع العقوبات وإيجاد علاقة جديدة بين سوريا والبنك الدولي.

السعودية ترغب في دعم الدولة المركزية لتوسيع نفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية، حيث تشكل سوريا بوابة رئيسية نحو البحر الأبيض المتوسط. ومن جهة أخرى، فإن هناك مصالح اقتصادية تتمثل في إعادة الإعمار، مما يجعل من هذا الدعم وسيلة لتعزيز وجودها في السوق السوري الضخم.

بالنسبة لقطر، فإن تحركاتها تهدف إلى تعزيز تحالفاتها وتجنب التصعيد مع أي طرف، حيث تخشى من مواقف معادية من الدول الكبرى. كما أن لديها مشاريع ضخمة في سوريا، بما في ذلك مشروع خط أنابيب الغاز الذي بدأ منذ 2000 ويساهم في تعزيز القدرات الاقتصادية.

في المجمل، يستهدف الدعم المقدم من السعوديين والقطريين إلى تحقيق نفوذ سياسي واقتصادي في سوريا الجديدة، مدعومًا بمصالح اقتصادية مشتركة تهدف لاستقرار البلاد وتجاوز التحديات القائمة.