إمبراطورة الصعيد: المعلمة منال مقاولة أنفار وسط الجبال
كسرت المعلمة منال جميع التقاليد السائدة في قريتها “الحيبة” بمحافظة بني سويف، حيث تعتبر هذه القرية مكاناً لا تخرج منه النساء للعمل. ورغم ذلك، اختارت المعلمة منال رفض الزواج وقررت أن تكون “مقاولة أنفار” وأطلقت على نفسها لقب “الإمبراطورة”.
قائدة النسوة في الصعيد
تبلغ المعلمة منال صالح من العمر أربعين عاماً، وتمثل نموذج المرأة الصعيدية التي لم تتلق تعليماً جيداً، لكنها استمدت قوتها من الجبال. تستيقظ كل صباح باكر، لتجمع عمالها على متن سيارتها الربع نقل وتأخذهم إلى مزارع الصحراء بحثاً عن الرزق. عاشت اليوم السابع تجربة فريدة مع المعلمة منال في بني سويف، لتروي تفاصيل قصتها وتكشف أسرار هذه المرأة المثابرة.
عند بداية رحلتها، استقبلتنا أصوات التواشيح والقرآن الكريم من “كاسيت السيارة” وقامت منال من الخلف بتنبيه العمال، حيث كانت تقول: “يلا يا رجالة استعنا على الشقى بالله”، بينما يرد العاملون، “يلا يا معلمة”. وخلال رحلتها، بدأت تروي حكايتها منذ الصغر، موضحة أنها يتيمة الأبوين وعاشت مع إخوانها وجدتها التي رحلت عن الحياة. لم تذهب إلى المدارس ولم تتعلم، لكن عندما كبرت بدأت العمل في الزراعة. في عام 2008، قررت أن تصبح مقاولة أنفار، رغم أنها تعلم أن هذا العمل يقتصر عادة على الرجال، إلا أنها اعتبرت نفسها استثناء.
تصف المعلمة منال حياتها في الجبال بقولها، “يا جبل ما يهزك ريح، أنا أمشي بينهم ولا أخاف”، مؤكدة حبها للبقاء في الجبل حتى عند ظهور الثعابين، حيث تتعامل مع الموقف بشجاعة. على الرغم من هذه القوة، تحمل في داخلها مشاعر الأمومة والحب، فهي تعيش مع أبناء إخوانها، الذين تعتبرهم أولادها وعبئها في هذه الحياة.
ورغم أنها لم تتزوج وقررت ذلك بإرادتها، إلا أنها تشعر بالسعادة مع عائلتها الجديدة. وتقول بكل صدق: “أنا اللى رفضت الزواج، وكل عريس جاء لي كنت بطرده”. وتختتم حديثها بالتأكيد على أنها لو عادت بالزمن، ستختار نفس الطريق، شعوراً بالفخر بما حققته وما زالت تسعى لتحقيقه. تعتبر أن عملها كمديرة لمشاريع مقاولتها يعتبر طريقاً لفتح أبواب الرزق للعديد من الأسر.
تعليقات