عجز الموازنة السعودية: تحليل جديد من وزير المالية
في تصريح مثير لاهتمام العالم الاقتصادي، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال مقابلة خاصة مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن المملكة تتوقع أن يكون العجز المالي في موازنتها لعام 2025 أكبر من التوقعات السابقة. وأرجع الجدعان ذلك إلى تغييرات في أولويات الإنفاق الحكومي وزيادة الاستثمارات في مشاريع استراتيجية، رغم تأكيده أن العجز سيبقى عند مستويات يمكن التحكم فيها ولن يؤثر على استدامة المالية العامة أو التزامات المملكة الدولية.
وأوضح الجدعان أن العجز المتوقع يأتي نتيجة تسارع الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الكبرى، خاصة في قطاعات النقل والطاقة والمياه، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030. وأشار إلى أن الحكومة تسعى لتسريع تنفيذ المشاريع العملاقة مثل “نيوم” و”ذا لاين” و”البحر الأحمر”، وهو ما يتطلب تمويلاً إضافياً على المدى القصير.
العجز المالي في الميزانية وتأثيراته
وفيما يتعلق بالاعتماد على الإيرادات، شدد الوزير على أن المملكة تقوم بتعزيز مصادر دخلها غير النفطية، إذ شهدت مدخولاتها من الزكاة والضرائب ورسوم الخدمات نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. كما أكد أن التقديرات السابقة للإيرادات كانت مبنية على أسعار نفط متحفظة، مما يجعل التغيرات في السوق العالمية تؤثر بشكل كبير على العوائد النفطية.
أعاد الجدعان التأكيد على إلتزام المملكة بسياسة مالية متوازنة، تسعى للسيطرة على التضخم والحفاظ على مستويات الدين العام في حدود آمنة. كما أفاد أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزال منخفضة مقارنةً بالدول الكبرى، مما يمنح الحكومة القدرة على زيادة التمويل عبر إصدار السندات أو الاقتراض المحلي عند الحاجة.
وعلى الرغم من التحديات، بعث الوزير برسائل طمأنة للمستثمرين المحليين والدوليين، مشيراً إلى الأسس الاقتصادية القوية للمملكة ونجاحها في المحافظة على معدلات نمو إيجابية. وعبّر عن تفاؤله بأن العجز المالي المتوقع لن يؤثر سلبًا على تصنيف المملكة الائتماني، مع استمرار ثقة المؤسسات المالية في الاقتصاد السعودي، ودليل ذلك هو الإقبال الكبير على أدوات الدين التي تطلقها الحكومة في الأسواق العالمية.
ختامًا، تبقى المملكة ملتزمة بإصلاحاتها الهيكلية وتطوير مشاريعها تحت رؤية واضحة تهدف إلى تحقيق اقتصاد مستدام ومنوع، مما يعكس قدرتها على تجاوز التحديات واستمرار النمو.
تعليقات