أثبتت نتائج “قمة الإعلام العربي 2025″، الدور الحيوي الذي تلعبه دولة الإمارات، وخاصة إمارة دبي، في تعزيز الإعلام العربي وصياغة مستقبله وسط التغيرات العالمية السريعة.
شهدت القمة، التي حضرها حوالي 8000 إعلامي، تأكيد مكانة الإمارات كبيئة مثالية للإبداع والفكر، حيث تجلت هذه المكانة بحضور شخصيات بارزة من مختلف المجالات السياسية والإعلامية، ورؤساء التحرير وكبار القامات، من بينهم صناع المحتوى والمؤثرون، فضلاً عن خبراء التكنولوجيا الأكاديميين من شتى أنحاء الوطن العربي.
تميزت القمة بأجندة غنية شملت أكثر من 175 جلسة رئيسة و35 ورشة عمل على مدى ثلاثة أيام، بما في ذلك منتدى الإعلام العربي للشباب، الذي شهد حفل تكريم للفائزين بجائزة الإعلام للشباب العربي “إبداع”، وزمن “منتدى الإعلام العربي” الذي شهد أيضاً حفل تكريم “شخصية العام الإعلامية” والفائزين بجائزة الإعلام العربي في فئات متعددة، بينما كان اليوم الختامي للقمة مخصصاً لفعاليات “قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب”، التي تضمنت حفل تكريم الفائزين بجائزة “رواد التواصل الاجتماعي العرب”.
العمل العربي المشترك
أكد الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي ورئيس مجلس دبي للإعلام، على ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات السياسية والتقنية، مشدداً على أهمية توحيد الصوت العربي والتأكيد على رسالة المنطقة للعالم، التي تهدف إلى نشر السلام وتمكين الشعوب من تحقيق استقرارها ورخائها.
وأشار خلال لقائه مع وزراء الإعلام العرب أن الإمارات تدعم الإعلام وتعتبره شريكاً رئيسياً في التنمية المستدامة، لما له من تأثير قوي في إحداث التغيير الإيجابي وتحفيز الطاقات المجتمعية.
عصر التكنولوجيا المتقدمة
تحدثت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، عن أهمية الإعلام في عصر التكنولوجيا المتقدمة، مشيرة إلى أننا نعيش في فترة حاسمة يشهد فيها الإعلام تقاطعاً مع التحول الرقمي. في هذه المرحلة، يتغير مشهد التأثير والتواصل، وتتطلب استجابة تأملية ورؤية واضحة لشكل الإعلام المطلوب، ودور المؤثرين في حماية المجتمعات من الفوضى الرقمية.
أوضحت أن المجتمعات الرقمية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هويتنا، مع وجود ملايين المجتمعات الرقمية التي تتشكل على مختلف منصات التواصل الاجتماعي. وبحلول عام 2025، يُتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى أكثر من 8 مليارات نسمة، بينما يزيد عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن 5 مليارات، مما يعكس أهمية دور الإعلام في الحفاظ على القيم والاتصال الفعّال.
أكدت ضرورة أن يكون الإعلام مؤثراً بدلاً من مجرد المنافسة مع “المؤثرين” في عالم “الترند”، بل عليه أن يعزز القيم الإنسانية ويعيد بناء الثقة، ويُركز على تقديم محتوى ثقافي عميق يعيد للإنسان اهتمامه.
تطوير المهارات الإعلامية
دعا الشيخ حشر بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رئيس مؤسسة دبي للإعلام، إلى إطلاق برامج توعوية تستهدف الشباب والمجتمع، بهدف تقديم محتوى يحقق الفائدة ويعزز العمل الإعلامي من خلال تطوير المهارات الإعلامية.
أشار في جلسة “حوار مع رواد الإعلام والإلهام” إلى أن الإعلام التقليدي يواجه تهديدات عبر منصات التواصل الاجتماعي، مُشيراً إلى أن القدرة على الدمج بين الإعلام التقليدي والجديد تعد مفتاح النجاح في عصرنا الحالي.
وأضاف أنه من الضروري أن يكون الإعلامي ملماً وواعياً، لافتاً إلى التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية في اختيار الكفاءات المناسبة.
مرحلة التحولات الكبيرة
أكد عبدالله آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، على أن الإعلام يشهد تحولاً كبيراً نحو الاعتماد على التكنولوجيا، مما يستلزم استغلال هذه الفرص الحديثة. ورغم التحديات التي تواجه الإعلام التقليدي، فإن القدرة على التكيف والابتكار هي ما سيحدد مستقبل المؤسسات الإعلامية.
أوضح أن المنصات الإعلامية اليوم تتخطى الحدود، مما يحتم على المؤسسات الإعلامية اتخاذ خطوات سريعة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتطوير المحتوى لنيل ثقة الجماهير. كما دعا إلى أهمية التعليم المبكر حول تكنولوجيا الإعلام في المدارس، لمساعدة الطلاب على التمييز بين الأخبار الصحيحة والمزيفة.
الاستجابة للتحديات نحو المستقبل
شدد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، على أن الإعلام يمر بفترة قلق وارتباك بسبب تأثير الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى ضرورة مواكبة هذه التحولات، لأن من لا يتكيف مع هذه المتغيرات قد يواجه صعوبة في البقاء. وأكد أن الإمارات تضع التكنولوجيا في الأولوية، لتكون رائدة في مجال الاستثمار المستقبلي.
عندما يتعلق الأمر بالحملة الإعلامية ضد الإمارات، اعتبرها قرقاش مدبرة ومغرضة، وأكد أن الإنجازات الإماراتية تحظى تقديراً عالمياً، مبرزاً أن التجربة الإماراتية تعد نموذجاً للنجاح في مختلف المجالات.
أشارت منى غانم المرّي، نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، إلى أهمية التفكير الإبداعي وتحليل المشهد الإعلامي في خلق الفرص. كما أكدت على أهمية التخصص خاصة في مجالات المحتوى الثقافي والقصصي، لضمان التأثير الفعّال.
شراكات استراتيجية
أعلنت قمة الإعلام العربي 2025 عن العديد من الشراكات والاتفاقيات المتميزة التي تهدف إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في قطاع الإعلام. حيث تم التوقيع على اتفاقية بين جامعة الإمارات العربية المتحدة ومجلس دبي للإعلام لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وتنفيذ برامج تدريبية لطلاب الجامعة.
أيضًا، وقعت مؤسسة دبي للمرأة مذكرة تعاون مع أكاديمية دبي للإعلام لدعم تمكين المرأة في الإعلام، وتطوير المهارات القيادية والإعلامية للنساء في المؤسسات الحكومية.
ولهذا العام، أولت القمة اهتماماً خاصاً بقطاعات الأفلام والألعاب الإلكترونية، حيث تم إطلاق منتدى خاص لمناقشة هذه المجالات المتنامية وتسليط الضوء على الفرص المتاحة لتعزيز هذه الصناعات.
كما تم الكشف عن النسخة المطورة من تقرير “نظرة على الإعلام العربي.. رؤية مستقبلية”، الذي تمحور حول تحليلات دقيقة لمختلف قطاعات الإعلام والتكنولوجيا، مما يعكس الالتزام بدعم البيئة الإعلامية وفتح آفاق جديدة للمهنيين.
تعليقات