مترو الرياض: جسر يحقق التفاهم الاجتماعي في السعودية

مشهد المترو في الرياض: نقلة نحو النقل العام

تتزين عربات المترو في العاصمة السعودية الرياض بمجموعة متنوعة من الركاب، سواء كانوا عمالاً أم طلاباً جامعيين أو موظفين، بالإضافة إلى تنفيذين كبار. قامت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بإطلاق شبكة مترو واسعة نهاية العام الماضي، تهدف إلى تحويل الرياض من مدينة تعتمد بشكل رئيسي على السيارات إلى مدينة تتمحور حول خدمات النقل العام. ويُعَدّ هذا المشروع جزءاً من “رؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

في شوارع الرياض، التي يقطنها نحو ثمانية ملايين نسمة، تتواجد أكثر من 2.5 مليون سيارة خاصة. في أوقات الذروة، تتكدس هذه السيارات في زحام مروري خانق، حيث يتعذر على المواطنين الخروج من سياراتهم. ولكن مترو الرياض، الذي يكلف راكبه 4 ريالات (حوالي 1.1 دولار) للساعتين، يوفر حلاً سريعاً وفعالاً، حيث يتحرك بمرونة ضمن مساراته.

النقل العام كعامل اجتماعي

يقول أحد الموظفين، الغامدي (42 عامًا)، الذي اعتاد على قضاء أكثر من ساعة ونصف في كل صباح وصولاً إلى عمله، إنه يشعر الآن بالراحة دون ضغط الزحام. واعتبر أن ركوب المترو أخرجه من حالة “العزلة الاجتماعية” التي عاشها طيلة 40 عامًا، حيث كان يلتقي بأقربائه فقط، ليجد الآن نفسه وسط مجتمع متنوع من فئات اجتماعية مختلفة.

وأشار الغامدي إلى أنه يشعر بانفتاح أكبر، قائلاً: “الآن نشعر وكأن المجتمع بكل طبقاته في مكان واحد”. فالمترو يمتد بخطوطه ليصل بين الأحياء الفقيرة ومراكز العمل في وسط المدينة، مما يساهم في تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وزيادة التفاعل بين مختلف شرائح المجتمع.

هناك أيضاً من اعتبر المترو “حدثًا اجتماعيًا ونفسيًا كبيرًا” في مجتمعٍ سعودي لطالما كان مغلقًا. حيث قال أستاذ علم الاجتماع محمد الحمزة إن “المترو أحدث تغييرات جذرية في التفكير الشمولي للمجتمع”، وفتح المجال أمام ثقافة التفاعل مع الغرباء، بعد أن كانت الثقافة المحورية تركز على الأصدقاء والعائلة فقط.

بالنسبة للطالبة هديل وليد (20 عامًا)، ساهم المترو في توفير الكثير من الوقت والمال، حيث كانت تحتاج سابقًا إلى من 3 إلى 4 ساعات للوصول إلى جامعتها، بينما الآن تستغرق ساعتين كحد أقصى. لم تعد مضطرة لدفع 800 ريال (213 دولارًا) مقابل التنقل بحافلة، بل تدفع الآن 140 ريالًا (37 دولارًا) فقط، مما يسمح لها بالوصول إلى منزلها وهي مرتاحة.

تضم شبكة المترو 190 قطارًا مؤتمتًا بالكامل، وتغطي ستة مسارات بطول إجمالي يبلغ 176 كيلومترًا، مع قدرة استيعابية تفوق 3.6 مليون راكب. ورغم استمرار ازدحام الشوارع، إلا أن المترو قد حظى بإقبال غير متوقع، مما يبدد الشكوك حول مدى استخدامه. يوضح المسؤولون أن “السعوديين قد أخذوا زمام المبادرة في استخدام المترو بشكل غير متوقع”، مع تصميمهم على توسيع الشبكة لمزيد من المشاريع الرائدة.

بالنسبة للموظف منير (28 عامًا)، يصف المترو بأنه غيّر وجه المدينة ورفع من جودة الحياة، حيث يجعل الأمور أسهل في الرياض.