أزمة أسعار المانجو في اليمن وتأثيرها على المزارعين
تعيش اليمن هذا العام موسماً استثنائياً لفاكهة المانجو، لكن ليس كما يتمنى المزارعون. فقد تحولت البساتين المثقلة بثمار المانجو الشهية إلى مصدر قلق وخيبة أمل للآلاف من المزارعين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة ما يصفونه بـ”بورة طاحنة” تمثلت في حالة انهيار غير مسبوق في الأسعار. وفقاً لتقارير محلية، تراجعت أسعار المانجو إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى خسائر فادحة للمزارعين الذين استثمروا أموالهم وجهودهم طوال العام.
تراجع الأسعار وتأثيره على الإنتاج
يشير خبراء زراعيون إلى أن وفرة الإنتاج هذا الموسم تعد السبب الرئيسي وراء تدهور الأسعار بشكل دراماتيكي. فالظروف المناخية المواتية أدت إلى موسم استثنائي من حيث الكمية، لكن دون وجود آليات تسويقية فعالة لاستيعاب هذه الوفرة. ويوضح أحد المختصين في شؤون الزراعة أن “الإنتاج الوفير في موسم الذروة أغرق الأسواق المحلية بكميات هائلة من المانجو، في وقت تعاني فيه القدرة الشرائية للمستهلكين من ضعف ملحوظ بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.” وتنعكس هذه الأزمة كإشكالية هيكلية أعمق في قطاع الزراعة اليمني، حيث يسلط تجار الجملة الضوء على غياب استراتيجيات فعالة للتصدير وعدم وجود قنوات خارجية يمكنها استيعاب الفائض من المحصول.
وتفيد مصادر مطلعة بأن “المانجو اليمنية رغم جودتها العالية وطعمها المميز، لا تزال محاصرة في نطاق الأسواق المحلية بسبب التعقيدات اللوجستية والقيود المفروضة على التصدير، وضعف البنية التحتية اللازمة للحفاظ على جودة المنتج خلال رحلة التصدير.” مع استمرار الأزمة، تتجلى المعاناة في قصص المزارعين الذين تحولت آمالهم بموسم مربح إلى كابوس اقتصادي، حيث سجلت أسعار الصناديق انخفاضاً حاداً وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج.
التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة
على أرض الواقع، تعكس الأزمة آثارها على النسيج الاجتماعي لمجتمعات الريف اليمني، حيث تشير التقارير إلى أن العديد من الأسر التي تعتمد على زراعة المانجو كمصدر رئيسي للدخل تواجه صعوبات في تلبية احتياجاتها الأساسية. ووفق استطلاع من إحدى المنظمات المحلية، أعرب حوالي 60% من المزارعين المتضررين عن عجزهم عن سداد القروض والالتزامات المالية، مما يهدد بدخولهم في دوامة من الديون قد تدفع بعضهم للتخلي عن هذا النشاط الزراعي التقليدي.
الحلول والمقترحات للتغلب على الأزمة
في سياق البحث عن مخارج لهذه الأزمة، يطرح خبراء الزراعة حزمة من الحلول العملية التي يمكن أن تسهم في تخفيف معاناة المزارعين وتحسين سوق المانجو مستقبلاً. ومن بين هذه المقترحات، يبرز تفعيل قنوات التصدير الخارجي وتصحيح إجراءات الجمركية. كما يشدد المختصون على أهمية الاستثمار في الصناعات التحويلية التي تعتمد على المانجو كمادة خام، مثل صناعة العصائر، لتحويل الفائض إلى منتجات ذات قيمة مضافة.
تتزايد الدعوات المطالبة بتدخل حكومي عاجل لإنقاذ موسم المانجو، حيث تطالب نقابة المزارعين بإنشاء صندوق دعم خاص للحاصلات الزراعية المتضررة وتوفير قروض ميسرة للمزارعين. كما تعكس دراسة احتياجات القطاع الزراعي ضرورة وضع استراتيجية شاملة للنهوض بزراعة وتسويق المانجو، تتضمن تطوير بنية تحتية تتسم بالكفاءة في التخزين والنقل.
تمثل الأزمة الحالية في سوق المانجو اليمني جرس إنذار يستدعي جهود كافة الأطراف المعنية لحماية هذا المحصول الاستراتيجي الذي يعد مصدر فخر للزراعة اليمنية. فقصة المزارعين بين الخسائر المتزايدة وآمال الإصلاحات تبقى نقطة محورية في إطار السعي لضمان استدامة زراعة المانجو كمصدر أساسي للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
تعليقات