بعد نجاحها في الحروب: دولة عربية تتعاقد على شراء 200 طائرة مسيرة MQ-9B الأمريكية

أفادت تقارير صحفية متخصصة، منها ما نشره موقع “بريكينج ديفينس”، بأن المملكة العربية السعودية تُجري مفاوضات متقدمة مع شركة جنرال أتوميكس لأنظمة الطيران (GA-ASI) لشراء ما يصل إلى 200 طائرة مسيرة من طراز MQ-9B.

صفقة الطائرات المسيرة MQ-9B الأكبر في تاريخ الشركة

المفاوضات تتواجد في مراحلها الأخيرة، وعند توقيع الاتفاق ستُعتبر الصفقة الأكبر التي تبرمها الشركة على المستوى الدولي، ضمن حزمة دفاعية واسعة بقيمة 142 مليار دولار التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال زيارة له لمنطقة الخليج. على الرغم من عدم وضوح ما إذا كانت الصفقة ستتم عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية (FMS) أو من خلال المبيعات التجارية المباشرة (DCS)، أكد المتحدث باسم الشركة، سي. مارك برينكلي، أن طائرات MQ-9B مدرجة ضمن الاتفاق المحتمل.

قدرات MQ-9B .. تفوق تكنولوجي واستجابة متعددة المهام

من المتوقع أن تشمل الصفقة مزيجًا من النسختين: SkyGuardian وSeaGuardian، وكلاهما ينتمي لفئة الطائرات متوسطة الارتفاع طويلة التحليق (MALE)، وتتمتعان بقدرات عالية في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR)، وتتماشيان مع معايير الناتو STANAG 4671. تتمتع طائرة MQ-9B SkyGuardian بمحرك توربيني من طراز Honeywell TPE331-10، وتستطيع التحليق لأكثر من 40 ساعة متواصلة على ارتفاعات تصل لأكثر من 12,000 متر. تصميمها يمكّنها من حمل حمولات متنوعة تشمل أجهزة استشعار كهروضوئية/تحت الحمراء عالية الدقة، ورادارات Lynx متعددة الأوضاع، بالإضافة إلى وصلات SATCOM مزدوجة تتيح التحكم خارج نطاق الرؤية. تُقسم حمولة الطائرة الإجمالية نحو 4750 رطلاً على تسع نقاط تعليق خارجية، مما يتيح لها حمل ذخائر وأنظمة متقدمة.

نسخة SeaGuardian .. هيمنة بحرية واستشعار متقدم

النسخة البحرية، MQ-9B SeaGuardian، تعزز القدرات للعمليات الساحلية والبحرية بفضل رادار بزاوية 360 درجة، ونظام AIS للتعرف الآلي، وحساسات للحرب الإلكترونية، بالإضافة إلى خيارات لمعدات مضادة للغواصات. المنصة مُصممة لتحمل ظروف الطيران الصعبة، مع أنظمة مضادة للجليد ومقاومة للصواعق، وقدرتها على العمل لأكثر من 40,000 ساعة طيران. تدعم الطائرة تقنيات اتصال متقدمة مثل Link-16، مما يجعلها قابلة للدمج ضمن أنظمة قيادة وتحكم متعددة الجنسيات في مهام الإنذار المبكر أو استخبارات الإشارات الإلكترونية.

تحول استراتيجي في العقيدة السعودية نحو التكنولوجيا الغربية

تُظهر اهتمام الرياض بهذه الطائرات تحولاً عقائدياً واضحًا في سياسة التسلح، مع تفضيل متزايد لمنظومات تتوافق مع معايير الناتو، بناءً على تجارب سابقة مع الطائرات المُسيّرة التركية “بيرقدار TB2” والصينية “وينغ لونغ 2”. تعزز هذه الخطوة فرص التكامل العملياتي مع شركاء مثل الولايات المتحدة، وإسرائيل، ودول الخليج الأخرى ضمن إطار اتفاقيات إبراهيم. تُستخدم MQ-9B في سلاح طيران الولايات المتحدة وسلاح طيران المملكة المتحدة لضرب مواقع في أفغانستان، وشاركوا في حرب اليمن لدعم قوات التحالف العربي بقيادة السعودية منذ عام 2015. يُعتقد أنها أسهمت في الهجوم على مطار بغداد الدولي عام 2020، حيث تم اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

مخاطر تشغيلية في بيئات متنازع عليها .. دروس من اليمن

بالرغم من التفوق التكنولوجي، واجهت MQ-9 تحديات ميدانية، حيث تم إسقاط عدة طائرات أمريكية مؤخرًا في اليمن على يد جماعة الحوثي. تُبرز هذه المسألة الحاجة لتوفير أنظمة حماية معززة ضد التهديدات الجوية والسبرانية، كما أكده الباحث جاكوبو ماريا مازوكو، الذي أكد على أهمية تعزيز تحصين هذه المنصات في مواجهة الحروب الهجينة.

الخلفية الإقليمية وتداعيات الصفقة على ميزان القوة

ترتبط الصفقة ببيئة إقليمية متوترة تتصاعد فيها التهديدات غير المتناظرة، وخاصة من اليمن، مما يجعل السعودية بحاجة ملحة لتعزيز قدراتها في الرصد والاستجابة الدقيقة، مع تغطية أوسع للحدود البرية والبحرية.

جنرال أتوميكس توسع بصمتها الإقليمية: قطر أولاً ثم السعودية والإمارات

بالتوازي مع المحادثات مع الرياض، أعلنت جنرال أتوميكس مؤخرًا توقيع خطاب قبول مع قطر لتوريد ثماني طائرات MQ-9B. ومن جهة أخرى، لا تزال المفاوضات مع الإمارات العربية المتحدة معلقة منذ تجميدها في عهد إدارة بايدن. إذا تمت الصفقة مع السعودية، ستشكل نقطة تحول في خريطة انتشار الطائرات الأمريكية الصنع، مما يعزز MQ-9B كمنصة محورية في مستقبل الاستخبارات والمراقبة في الشرق الأوسط.