حج سوري من مطار دمشق: خطوة مهمة بعد سنوات من الغياب
أعرب العقيد المتقاعد رياض الأسعد عن شعوره العميق حين اقترب من مكة، معبراً عن فرح لا تُعبر عنه الكلمات، حيث تحققت أحلامه بعد انتظار طويل. جاء ذلك في إطار بعثة الحج السورية لعام 2025، حيث تعتبر هذه الرحلة الأولى التي تنطلق من مطار دمشق الدولي منذ رحيل نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. الأسعد، الذي كان له دور بارز في تأسيس “الجيش السوري الحر” بعد انشقاقه عام 2011، وجه نداءً لتوحيد القوى المعارضة وتأسيس نظام ديمقراطي.
عودة التعاون في تنظيم الحج من داخل سورية
مثلما عبر الأسعد عن مشاعره، شعر كثير من الحجاج السوريين بفيض من الفخر والعزة عند مغادرتهم من مطار دمشق، حيث تأخذ هذه اللحظة رمزية خاصة بعد سنوات من النزوح. رحلة الحج لهذا العام تمثل نقطة تحول في تنظيم شؤون الحجاج السوريين، حيث بدأت الرحلات مباشرة من العاصمة بعد غياب كبير للتنسيق مع الجهات الرسمية. جاء هذا التغيير في التوقيت المناسب بعد التحولات السياسية التي شهدتها البلاد أواخر 2024، مع تشكيل حكومة انتقالية.
وزير الأوقاف السورية، محمد الخير أبو شكري، أشار إلى أن هذا الحج هو الأول بعد “تحرير سوريا من النظام البائد”، مضيفًا أنه يشعر بالفخر لخدمة حجاج بيت الله. خلال السنوات الأولى من الأزمة، خرج ملف الحج من سيطرة المؤسسات الرسمية، مما أجبر العديد من الحجاج على التوجه إلى بلدان أخرى لأداء الفريضة.
تنظمت الحج من قبل “لجنة الحج العليا” التابعة للائتلاف السوري الذي أدير لأكثر من 12 موسماً. إلا أن هذا الموسم شهد عودة الحجاج للسفر مباشرة من دمشق، بموجب خطة جديدة تعتمد على نظام القرعة الإلكترونية.
اجتمع عدد كبير من الحجاج هذا العام، وتم اختيار 22,500 حاج، بما في ذلك 1,575 حاجًا فوق السبعين عامًا. تم توفير سكن جيد للحجاج، مما يعكس تحسن كبير مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تم التعامل مع الحجاج وفق مبدأ المساواة، بعيداً عن أي أسس مناطقية أو سياسية.
تجهيزات جديدة لتسهيل أداء الفريضة
هذا الموسم تم اعتماد إجراء جديد يتمثل في التأشيرات الإلكترونية، لتسهيل عملية التسجيل والحصول على التأشيرات للأفراد داخل سوريا. تم توحيد تكلفة الحج لتكون 4,900 دولار، مما يجعلها قريبة من الأسعار العالمية مع تحسين مستوى الخدمات. كما أن التنسيق الجديد ضم خدمات مثل النقل والإعاشة، وحقق تدخل مباشر للتخفيف من الأعباء التي كان يتكبدها الحاج سابقًا.
أكد الحجاج بعد وصولهم إلى السعودية أن عملية الدخول كانت سلسة ومنظمة، مع وجود دعم طبي وإداري مرافق. بينما ينظر البعض إلى الترتيبات الجديدة بترقب، ويعتبر حج 2025 بداية جديدة لملف لقضايا تتجاوز الجانب الديني لتشمل جملة من الأبعاد السياسية والإنسانية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
تعليقات