برز الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري جديد في العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، حيث كان محوراً أساسياً في جلسات “منتدى الاستثمار السعودي الأميركي” الذي احتضنته الرياض، بمشاركة فعالة من قادة الأعمال والتكنولوجيا من البلدين. وقد اتفق المتحدثون خلال الفعالية على أن الشراكات التقنية الثنائية تمثل نقطة انطلاق لبناء بنية تحتية رقمية جديدة وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد العالمي ويعزز من مكانة السعودية على خريطة الابتكار الدولية.
السعودية تطور أطر الذكاء الاصطناعي
في جلسة خصصت لمناقشة “الريادة في الذكاء الاصطناعي”، أوضح وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي المهندس عبد الله السواحه أن المملكة تتبع سياسة متقدمة في هذا المجال، تتجاوز حدود الاستخدام إلى تطوير التقنيات والمشاركة في صياغة الأطر التنظيمية والأخلاقية الخاصة بها على مستوى عالمي. وأشار إلى الشراكة الاستراتيجية مع شركة “أرامكو” لتفعيل حلول الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، موضحاً أن السعودية أصبحت الآن مركزاً خصباً لتطوير واختبار تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل أول عملية زراعة قلب تستخدم الروبوت بشكل كامل.
الإبداع في التقنية
أضاف السواحه أن السعودية تمكنت من تجاوز العوائق المتعلقة بتكاليف الطاقة المتجددة، حيث انخفضت تكلفة الكيلوواط إلى سنت واحد، مؤكداً أن المملكة تسعى لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان والبيئة معاً. وأكد على أهمية توطين التقنية وتصديرها في إطار شراكات عالمية، بدلاً من الاعتماد فقط على استيرادها.
بدوره، أشار ديفيد ساكس، كبير مستشاري البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي، إلى أن السعودية أصبحت جزءاً مهماً من تشكيل مستقبل التقنية، حيث كشفت زيارته لحاضنة الابتكار “Garage” بالرياض عن مجموعة واسعة من رواد الأعمال السعوديين الذين يعملون على مشاريع متطورة في الذكاء الاصطناعي. وأكد أن الرياض ليست مجرد سوق للمنتجات التقنية بل أصبحت شريكاً في صناعتها وتطويرها.
وقد تضمن المنتدى أيضاً جلسة حول “أسس بناء الجيل القادم من تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية” التي شهدت مشاركة كبار التنفيذيين من الشركات التقنية العالمية، ومنهم آرفيند كريشنا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “آي بي إم”. وقد أشاد كريشنا بالشراكة الطويلة الأمد مع “أرامكو” وأكد على أهمية الاستثمار في العنصر البشري كجزء من استراتيجيات المستقبل.
كما ناقشت روث بورات، رئيسة مجلس الاستثمار في “ألفابت” و”غوغل”، استثمارات الشركة في تطوير الحوسبة السحابية، مشيرة إلى أهمية تنفيذ تقنيات متقدمة لتعزيز تواجد اللغة العربية في الذكاء الاصطناعي. وأكدت أن الشركة تستثمر في إعداد برامج تدريبية تساهم في تطوير رأس المال البشري في المملكة.
البيانات… أساس الابتكار
أوضح أحمد الخويطر، النائب التنفيذي لرئيس التقنية والابتكار في “أرامكو”، أن الذكاء الاصطناعي سيصبح ركيزة أساسية في تشغيل الشركات الكبرى في المستقبل، مشيراً إلى أن الشركة تولد نحو 10 مليارات نقطة بيانات يومياً. واعتبر أن القيمة الفعلية لهذه البيانات تكمن في قدرتها على تحسين كفاءة الأعمال واتخاذ القرارات الفورية.
في النهاية، أشار كريستيانو آمون، الرئيس التنفيذي لشركة “كوالكوم”، إلى التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاع التقنية، حيث انتقلت تطبيقات الذكاء الاصطناعي من الأبحاث إلى الإنتاج الفعلي في مجالات متعددة. وخلصت النقاشات إلى أن السعودية تمتلك مجموعة من العوامل التي تؤهلها لتكون مركزاً عالمياً في تطوير الذكاء الاصطناعي، تتضمن موقعها الاستراتيجي، وسوقها الشابة، والدعم الحكومي المتكامل.
تعليقات