أهمية العلاقات الإماراتية الأميركية
اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإمارات العربية المتحدة لتكون واحدة من محطات أول زيارة خارجية له في ولايته الرئاسية الثانية، تأكيداً على أهميتها وتأثيرها السياسي والاقتصادي والثقافي، وهو ما تجلى من خلال نتائج الزيارة التي نتج عنها اتفاقيات تعاون مشترك للمستقبل.
الدور المحوري للإمارات في المنطقة
ظلّت العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات تتطور على مدى أكثر من خمسين عاماً، شملت مختلف المجالات، من السياسات الكبرى إلى الاستراتيجيات المهمة، بدءاً من السبعينيات، مروراً بالثمانينيات والحرب الأفغانية، ثم الأحداث الكبرى في التسعينيات، وعبوراً بتحديات الألفية الجديدة في المنطقة والعالم. وقد تطرقت هذه العلاقات إلى “الربيع العربي” ومواجهة ظاهرة “الإرهاب المعولم”، وصولاً إلى اتخاذ “اتفاقيات إبراهيم” كنموذج يُسعى لتعميمه إقليمياً ودولياً، حيث تلعب أميركا دور القائد في العصر الحديث، بعد إنهاء حقبة الاستعمار الأوروبي.
بعدما انتصرت أميركا على دول المحور في الحرب العالمية الثانية، دخلت في صراع الحرب الباردة مع المعسكر الشرقي. وأثبتت الأحداث أن اليمين الإسرائيلي قد يخطئ كثيراً في فهم سياسات دول المنطقة وعلاقاتها، حيث تعود عادة المتطرفين الإسرائيليين على نمط معين من العرب، مما أظهر تناقضات كبيرة بين الشعارات والممارسات الحقيقية، لتتوالى الهزائم على أيدي زعماء مثل نتنياهو. ولكن منطق التاريخ والاقتصاد كان دائماً أقوى من الأيديولوجيا.
في السنوات الأخيرة، أدركت إسرائيل ظهور دول عربية راسخة وطموحة، قادرة على جذب الحلفاء حول العالم، ومن بينها السعودية التي تمتاز برؤية جديدة وآليات سياسية واقتصادية وثقافية مبتكرة. كما أدركت أهمية الإمارات والبحرين اللتين لعبتا دورًا رئيسيًا في إطلاق “الاتفاقات الإبراهيمية”. وأكدت زيارة ترامب التاريخية للمنطقة أن المعادلات باتت مختلفة تماماً.
مع استسلام “محور المقاومة”، نجد أن مصير اليمين الإسرائيلي قد لا يختلف كثيرًا. فالذين يتبنون الأيديولوجيات المتطرفة ليسوا بالأذكياء، حيث رضخ “محور الممانعة” لكل ما يتعرض له من تهديدات، بعدما تخلى عن شعاراته. وأظهرت العقود المليارية الخليجية قدرة دول الخليج على قيادة السياسة بواسطة الاقتصاد على المستوى الإقليمي والعالمي، وسط تغيرات كبيرة. في الوقت الذي باتت فيه الحكومة الإسرائيلية تعاني من التخبط وعدم الرؤية، لم تعد تنظر باهتمام للتغيرات الجذرية في المنطقة والعالم. وبفضل سياسات دول الخليج العربي ومصر وشراكاتها الفعالة مع الولايات المتحدة والدول الكبرى، فإننا نشهد فرصة تاريخية لتحقيق الكثير في المنطقة، عبر الانتقال من التركيز على الاقتصاد إلى السياسة، مع قدرة كبيرة على التعامل بمرونة مع التحولات غير المتوقعة.
*كاتب سعودي
تعليقات