مشهد غريب في جامعاتنا: تقنوقراط يتحدثون عن تصنيفات عالمية بينما خريجون يدعمون العشائر!

حفلة الجنون في جامعة اليرموك كانت مجرد قمة جبل الجليد لأزمة أعمق، حيث تحولت احتفالات التخرج إلى ساحة للهويات الضيقة، بعيداً عن قيم المؤسسة التعليمية. في الجامعات، التي من المفترض أن تكون فضاءً للجمع والتنوير، شهدنا هذا العام طقوساً غير نظامية امتدت لأسابيع، فرضتها مجموعات من الطلاب بناءً على انتماءات عشائرية ومناطقية، مما أدى إلى الفوضى وتأثير سلبي على العملية التعليمية. هذه الأحداث تكشف عن خلل في المنظومة، حيث غابت الهوية الوطنية وانحصر الاحتفال بالرموز القبلية، مما يثير تساؤلات حول فعالية التعليم في بناء مواطنين يخدمون الدولة.

مشهد سوريالي في جامعاتنا: بين التصنيفات العالمية والهتافات العشائرية

في هذا المشهد الغريب، يركز صناع القرار في التعليم العالي على التصنيفات الدولية والتكيف مع احتياجات السوق، بينما يخرج الطلاب بمخرجات تتمحور حول الهويات الضيقة. ففي فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل، نرى الطلاب يرقصون ويهتفون لعشائرهم وقراهم، متناسين الإنجاز العلمي أو الوطن الكبير. هذا الواقع يعكس فشل النظام التعليمي في ترسيخ قيم الاندماج والحداثة، حيث أصبحت الجامعة، التي يفترض أنها تجمع التنوع تحت مظلة واحدة، مسرحاً للتشرذم. العاملون في الجامعة يشهدون كيف تحولت هذه الطقوس إلى ضغوط على الإدارة، مما يهدد الجو التعليمي ويقلل من الاحترام للقوانين المؤسسية. الشعارات التي سادت تشير إلى أن الطلاب، بعد سنوات من الدراسة، لم يستوعبوا سوى روابط الدم والمنطقة، مما يجعلنا نتساءل عن جدوى المناهج التي تهمل بناء الهوية الوطنية.

واقعة مثيرة في التعليم العالي

هذه الواقعة تكشف عن تناقضات عميقة في دور الجامعات، فبينما يتحدث التقارير التكنوقراطية عن الجودة والإحصائيات، يخرج المنتج التعليمي بعيداً عن أهداف الدولة. العشائر، كتنظيمات تاريخية من عصور ما قبل الدولة، لم تعد مناسباً لعصرنا، حيث يجب أن تهيمن الهوية الوطنية لتعزز التنمية والوحدة. ومع ذلك، فإن هذه الهتافات للمناطق والقبائل تعني أن الجامعات لم تنجح في خلق جيل يؤمن بالكونية والاندماج، بل أنتجت أفراداً قد يفضلون ولاءاتهم الضيقة في حياتهم المهنية، مما يهدد تماسك المجتمع. يجب على صناع السياسات إعادة النظر في أولوياتهم، فبدلاً من الغوص في أرقام التصنيفات، يتعين عليهم التركيز على بناء مواطنين يخدمون الوطن والأمة. إن تجاهل هذه القضايا الاجتماعية والأنثروبولوجية قد يؤدي إلى كارثة، حيث يصبح التعليم أداة للتفرقة بدلاً من الجمع. في النهاية، يطرح هذا المشهد أسئلة جوهرية عن الدور الأخلاقي والقانوني للجامعات، ويحث على استرجاع رسالتها الحقيقية كمؤسسات تجمع وتبني الهويات الواسعة لصالح المستقبل.