هل تراقب إسرائيل المفاوضات الأمريكية مع إيران؟

وفي ظل التوترات الدولية المتصاعدة، يواصل الوفد الأمريكي والإيراني اجتماعاتهم لمناقشة قضايا حيوية تتعلق ببرنامج إيران النووي، حيث تشهد هذه الجلسات مشاركة غير مباشرة من جهات أخرى.

المحادثات النووية في روما

يجري في العاصمة الإيطالية روما الجولة الخامسة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث يترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، بينما يقود الوفد الأمريكي المبعوث الخاص ستيف ويتكوف. وفقًا للتقارير، يتواجد في روما مسؤولون إسرائيليون بارزون، وهم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس جهاز المخابرات دافيد برنياع، لإجراء مشاورات مع الفريق الأمريكي. هذا التواجد يعكس الاهتمام الإسرائيلي الكبير بالتطورات في هذه المحادثات، خاصة في ظل الخلافات الدائرة حول برنامج إيران النووي. كان هذان المسؤولان قد زارا باريس في 18 أبريل الماضي، حيث التقيا بويتكوف قبل الجولة الثانية من هذه المحادثات، مما يشير إلى سلسلة من الاجتماعات المتتالية تهدف إلى التأثير على المفاوضات.

تتميز هذه الجلسة بأجواء معقدة، حيث يبرز الخلاف الرئيسي حول مسألة تخصيب اليورانيوم داخل إيران. تتمسك الولايات المتحدة بموقف صارم يرفض السماح لإيران بمواصلة عمليات التخصيب، معتبرة ذلك خطوة أساسية لمنع أي انتهاك محتمل للاتفاقيات الدولية. من جانبها، ترى إيران هذا الشرط خطًا أحمر غير قابل للتنازل، معتبرة أنها حق مشروع في سيادتها الوطنية. هذه التوترات لم تقتصر على طاولة المفاوضات، بل انعكست في تصريحات رسمية من كلا الجانبين. على سبيل المثال، أكدت هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني أن أي عمل عدواني ضد إيران سيواجه ردًا حازمًا وقويًا، مشددة على أن أي تدخل أمريكي في المنطقة قد يؤدي إلى نتائج مشابهة لما حدث في فيتنام وأفغانستان. كما أعلنت وكالة “إرنا” الإيرانية أن جلسات المفاوضات الرسمية من المقرر أن تبدأ في الواحدة بعد الظهر بالتوقيت الدولي.

التحديات في التفاوض النووي

وسط هذه المناوشات الدبلوماسية، يبرز الجدل حول برنامج إيران النووي كعامل أساسي يعيق التقدم. نائب رئيس لجنة الأمن الوطني في إيران أكد أن تخصيب اليورانيوم هو أمر غير قابل للتفاوض تحت أي ظرف، معتبرًا أن الادعاءات الغربية حول مخاطر هذا البرنامج ليست سوى ستار لمحاولات منع تقدم إيران واستقلالها. هذا الموقف يعكس التوتر العام في العلاقات بين إيران والدول الغربية، حيث يرى الجانب الإيراني أن الضغوط الدولية تستهدف تقييد قدراتها الاستراتيجية بدلاً من الاهتمام الحقيقي بسلامة المنطقة. من ناحية أخرى، تستمر الجهود الأمريكية في التأكيد على أهمية اتفاق نووي شامل يضمن عدم انتشار الأسلحة النووية، مع الحرص على فرض قيود صارمة على أنشطة إيران النووية. هذه التحديات تجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، خاصة مع تدخل الدول الأخرى مثل إسرائيل، التي ترى في برنامج إيران تهديدًا مباشرًا لأمنها.

وتظل هذه المفاوضات جزءًا من جهود أوسع لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط، حيث يعتمد نجاحها على قدرة الجانبين على تجاوز الخلافات والبحث عن حلول وسط. على سبيل المثال، أدت الجولات السابقة إلى بعض التقدم في مناقشة آليات الرقابة الدولية، لكن الخلافات الجوهرية حول التخصيب أعادت طرح الأسئلة حول جدوى هذه الاجتماعات. في هذا السياق، يُلاحظ أن الضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية على إيران قد تزيد من حاجتها للاتفاق، مما يمكن أن يدفع نحو تنازلات محدودة. ومع ذلك، يظل الملف النووي مرتبطًا بعوامل أخرى، مثل التوترات الإقليمية مع دول مثل السعودية والإمارات، التي تشارك في بعض الاستشارات غير الرسمية. إجمالًا، تُمثل هذه المحادثات فرصة لإعادة توازن المنطقة، لكنها تواجه تحديات كبيرة قد تؤثر على نتائجها النهائية، مما يجعلها واحدة من أبرز القضايا الدولية في الفترة الحالية.