زارت منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية مجموعة من الشخصيات البارزة، بما في ذلك وزير السياحة والآثار شريف فتحي، إلى جانب قداسة البابا تواضروس الثاني ومحافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد حسن سعيد، بالإضافة إلى مدير مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة الدكتورة نوريا سانز. كان هذا اللقاء فرصة للوقوف على تطورات مشروع خفض منسوب المياه الجوفية، الذي يُعد خطوة حاسمة للحفاظ على هذا الموقع التاريخي الذي يعود إلى العصور المبكرة للمسيحية. يتضمن هذا المشروع أعمالًا شاملة مثل تركيب طلمبات سحب المياه، وتركيب خطوط الطرد، وإنشاء مصارف تجميع المياه، مما يساهم في منع التدهور الناتج عن ارتفاع الرطوبة. إن هذه الجهود تأتي ضمن شراكة ناجحة بين المجلس الأعلى للآثار، إدارة الدير، ومنظمة اليونسكو، لضمان استمرارية هذا التراث العالمي بما يتوافق مع أعلى المعايير الدولية في مجال الحفظ والصيانة.
تكلفة مشروع خفض منسوب المياه الجوفية بموقع أبو مينا الأثري
في السنوات الأخيرة، أصبحت مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية أحد أكبر التحديات التي تواجه المواقع الأثرية مثل أبو مينا، حيث يهدد ذلك سلامة الهياكل القديمة وسلامة الكنوز التاريخية المخزنة في الدير. تم تنفيذ مشروع خفض منسوب المياه الجوفية بكلفة إجمالية بلغت 60 مليون جنيه مصري، وهو ما يعكس الالتزام بالاستثمار في الحماية البيئية والثقافية لهذا الموقع. أدى هذا المشروع إلى تحسين الوضع بشكل كبير من خلال استخدام تقنيات حديثة لسحب المياه الزائدة وإعادة توجيهها بعيدًا عن الأماكن الحساسة. بالإضافة إلى ذلك، شملت الأعمال المتعلقة بهذا المشروع ترميمًا شاملاً للعناصر المعمارية الرئيسية في الدير، مثل الجدران والأقواس القديمة، لتعزيز استقرارها ومنع أي تلف محتمل ناتج عن الرطوبة. هذه الخطوات لم تكن مجرد إجراءات فنية، بل جزءًا من رؤية أوسع تهدف إلى ضمان استدامة التراث الثقافي لأبو مينا، مما يجعله نقطة جذب سياحية آمنة ومستدامة للزوار من مختلف أنحاء العالم.
تقليل مستوى المياه الجوفية لحماية التراث التاريخي
مع إكمال مشروع خفض منسوب المياه الجوفية في عام 2022، أصبح من الواضح أن هذا الإنجاز لن يقتصر على الحفاظ على سلامة الموقع فحسب، بل سيساهم أيضًا في رفع تصنيف دير أبو مينا من قوائم التراث العالمي المهدد. هذا يعني أن الجهود المبذولة ستساعد في إزالة هذا الموقع من قائمة الخطر لدى منظمة اليونسكو، مما يعزز من سمعة مصر كدولة ملتزمة بحماية مواردها الثقافية. في السياق ذاته، بدأت وزارة السياحة والآثار في وضع خطط متكاملة لتسويق الموقع، حيث تشمل هذه الخطط استخدام الوسائط الرقمية والمنصات التفاعلية للوصول إلى جمهور عالمي أوسع. على سبيل المثال، يتضمن المخطط تخصيص مساحات في الأجنحة السياحية المصرية المشاركة في المعارض الدولية، لتعريف الزوار بدير أبو مينا كوجهة فريدة، مستوحى من النجاح الذي حققه المتحف المصري الكبير ومواقع أثرية أخرى. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى زيادة الوعي بالأهمية التاريخية للموقع، مثل دوره كمركز ديني رئيسي في العصور المسيحية، مما يعزز السياحة الثقافية ويوفر موارد مالية إضافية للصيانة المستمرة. كما أن هذا التوجه يعكس التزامًا بتطوير الخدمات العامة في الموقع، مثل تحسين الطرق الداخلية وإضافة مرافق للزوار، لضمان تجربة سياحية مريحة وتعليمية. بفضل هذه الجهود الشاملة، من المتوقع أن يصبح أبو مينا نموذجًا لكيفية دمج الحفظ مع التنمية السياحية، مما يضمن أن يستمر هذا التراث في إلهام الأجيال القادمة وتعزيز هوية مصر الثقافية على المستوى العالمي.
تعليقات