تغيرات معايير الإعلام: من السابق إلى الحاضر

في ظل انتشار المنصات الرقمية، أصبح من الشائع أن يتبنى الأفراد هوية “الإعلامي” دون أي أساس مهني حقيقي، مما أدى إلى تفكك هيبة هذه المهنة التي كانت في الماضي ركيزة للثقة والمصداقية في المجتمع. الآن، يغلب على المحتوى المنتشر سطحية وغياب للمعايير المهنية، حيث يبث الكثيرون معلومات غير موثقة أو مفيدة، محولين الإعلام إلى مجرد هاشتاجات ومنشورات عابرة.

الإعلاميون وسط هيمنة السوشيال ميديا

مع تزايد هذه الظاهرة، يفقد مصطلح “الإعلامي” وقاره التاريخي، حيث كان الإعلاميون سابقاً يمثلون قوة موثوقة تجمع بين الخبرة والالتزام الأخلاقي. في الماضي، كانت الجمهور يتابع بشغف ما يقدمه هؤلاء المهنيون في الصحافة الورقية، حيث كان كل تقرير يعكس جهداً مضنياً وتحقيقاً دقيقاً. اليوم، مع انتشار المنصات مثل وسائل التواصل الاجتماعي، يجد الإعلام نفسه أمام تحديات جسيمة، إذ أصبح بإمكان أي شخص نشر محتوى بسيط دون مراعاة القواعد المهنية، مما يعكس انحلالاً في جودة المعلومات المنتشرة.

تحديات المهنة الإعلامية

إذا نظرنا إلى الجيل الإعلامي السابق، نلاحظ كيف واجهوهم تحديات كبيرة مع محدودية الإمكانات التقنية، لكنهم حققوا نجاحاً بفضل التزامهم الشديد والبحث عن الحقيقة. كان ذلك الزمن يتميز بالمنافسة الشريفة بين الزملاء، مما أدى إلى تعزيز المصداقية، كما في حالة جريدة “عكاظ” التي أصبحت رمزاً للريادة من خلال أداء مهني متميز. أما الآن، فإن انتشار المنصات الرقمية قد فتح الباب لأشخاص لا يملكون أي خلفية إعلامية، مما ينتج محتوى هشاً يفتقر إلى العمق والدقة. هذا التغيير لم يكن مفاجئاً، بل نتيجة للتطورات التكنولوجية التي جعلت النشر أسهل، لكنها أيضاً أدت إلى انتشار الشائعات والتضليل.

في النهاية، يجب على الجميع، وخاصة من يدعون لقب “الإعلامي” دون استحقاق، أن يعيدوا النظر في أدائهم ويحترموا أصول المهنة. الإعلام ليس مجرد كتابات عابرة أو منشورات سريعة، بل رسالة تتطلب التزاماً بمعايير مهنية صارمة، مثل الالتزام بالحقيقة والتوثيق الدقيق. من خلال هذا النهج، يمكن استعادة ثقة الجمهور وتعزيز دور الإعلام كأداة لبناء المجتمع. في الوقت نفسه، يظل من المهم التعرف على الإنجازات التاريخية للإعلاميين الحقيقيين، الذين ساهموا في تشكيل رأي عام مستنير رغم الصعوبات. بهذا التقدم، يمكننا أن نأمل في مستقبل أفضل للإعلام، حيث يعود المحتوى إلى مستوى يستحق الاحترام والثقة.