كشف مسؤول عسكري إسرائيلي تمرد واسع النطاق بين يهود الحريديم ضد أوامر التجنيد في جيش الاحتلال، حيث أظهرت الإحصائيات انخفاضاً حاداً في معدلات الاستجابة. على سبيل المثال، من بين 24 ألف استدعاء تم إصدارها خلال عام 2024، لم يستجب سوى حوالي 1,212 شخصاً، وهو نسبة تقل عن 5%، مما يعكس عمق الرفض لدى هذه المجموعة.
تمرد الحريديم على التجنيد
في سياق الوضع الأمني المتوتر، أكد العميد شاي طيب، رئيس قسم تخطيط الأفراد في الجيش الإسرائيلي، أمام لجنة تابعة للكنيست، أن الجيش كان قد خطط لاستدعاء 80 ألف شخص، لكنه ركز على 24 ألف منهم من الحريديم. وفقاً للتفاصيل التي قدمها، فإن الثلث الأول من العام شهد استجابة لـ3 آلاف استدعاء من قبل 692 شخصاً فقط، بينما في الثلث الثاني، من بين 7 آلاف استدعاء، حضر 450 فقط. أما الثلث الثالث، الذي شمل 14 ألف استدعاء، فقد لم يحضر سوى نحو 70 شخصاً حتى الآن. هذه الأرقام تبرز تحدياً كبيراً، إذ تشكل الاستجابة العامة لجميع الاستدعاءات 5.05% فقط. كما أوضح طيب أن التوزيع العمري للمستدعين يشمل نسبة 50% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً، و40% بين 20 و23 عاماً، و10% فوق 23 عاماً. ومع زيادة الضغوط الأمنية، أكد الجيش على تعزيز عمليات ملاحقة المتخلفين، حيث تم تنفيذ 411 عملية اعتقال عبر مطار بن غوريون، منها 61 بموجب أوامر رسمية، ومنع 43 آخرين من مغادرة البلاد. وفقاً للعميد، “نحتاج إلى طاقة بشرية كبيرة بسبب الوضع الأمني، وسنعمل على تشديد العقوبات لمواجهة التغيب، حيث أن العقوبات الحالية غير كافية”.
رفض الخدمة العسكرية
ورغم هذه الإجراءات، يواصل الحريديم إعلان رفضهم الصريح لأوامر التجنيد، خاصة بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في 25 يونيو 2024، الذي ألزم هذه الفئة بالخدمة العسكرية وألغى المساعدات المالية للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الالتحاق. كبار الحاخامات يؤكدون على رفض الدعوة، بل ويتعاونون في تمزيق أوامر الاستدعاء، معتبرين أن الخدمة العسكرية تهدد استمرارية مجتمعهم الديني. يُذكر أن الحريديم يشكلون حوالي 13% من سكان إسرائيل، الذين يبلغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويبررون رفضهم بتكريس حياتهم لدراسة التوراة، معتبرين أن أي اندماج في المجتمع العلماني قد يعرض هويتهم الدينية للخطر. هذا التمرد ليس حدثاً عابراً، بل يعكس توتراً أعمق بين السلطات العسكرية والمجتمعات الدينية، حيث يرى الكثيرون أن القرارات الحكومية تتجاهل خصوصيتهم الثقافية والدينية. في الوقت نفسه، يؤدي ذلك إلى زيادة الاحتجاجات العلنية، التي تشمل تظاهرات واسعة النطاق ضد الخدمة الإلزامية، مما يعقد الوضع الأمني بالفعل. على سبيل المثال، في الأشهر الأخيرة، شهدت بعض المناطق ارتفاعاً في الاشتباكات بين القوات الأمنية والمحتجين، الذين يدعون إلى حماية حرياتهم الدينية. هذه الديناميكيات تبرز كيف أن السياسات العسكرية تتصادم مع التقاليد الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى تبعات طويلة الأمد على الانسجام الاجتماعي في إسرائيل. باختصار، يمثل رفض الحريديم تحدياً استراتيجياً للجيش، الذي يسعى لتعزيز قدراته البشرية، لكنه يواجه صعوبة في التوفيق بين الاحتياجات الأمنية والحساسيات الدينية.
تعليقات