في ظل التحديات السياسية المتفاقمة في ليبيا، عملت اللجنة الاستشارية المكلفة بالأمم المتحدة على صياغة حلول عملية لتجاوز الأزمة. هذه اللجنة، التي تضم خمسة عشر خبيراً ليبياً بارزاً في مجالات القانون والسياسة، ركزت على تحليل العوائق الدستورية والانتخابية التي حالت دون إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مُنتظرة منذ سنوات.
اللجنة الاستشارية تقترح خارطة طريق شاملة للانتخابات الليبية
بدأت اللجنة عملها في الرابع من فبراير 2025، كرد فعل للانسداد السياسي المزمن الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات عدة مرات. خلال جلسات عقدتها في طرابلس وبنغازي، استعرضت اللجنة الإطار القانوني الحالي، بما في ذلك التعديل الدستوري الثالث عشر وقوانين الانتخابات الصادرة عن اللجنة المشتركة “6+6”. أبرزت الاختلالات مثل الارتباط الإلزامي بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، الذي يفرض مواعيد زمنية صارمة ويعيق التنفيذ في حال فشل إحدى الجولات. لتجاوز ذلك، اقترحت اللجنة فصل هذه الانتخابات، مع السماح بإجرائها على مراحل متدرجة، وضمان الإعلان عن النتائج في وقت واحد لتعزيز الاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، طالبت اللجنة بتعديل شروط الترشيح، مثل السماح لمزدوجي الجنسية بالمشاركة بشرط التنازل عن جنسياتهم الإضافية، وإبقاء شرط عدم إصدار أحكام جنائية مبرمة، مع رفض أي إقصاء غير مبني على أدلة قانونية. كما اقترحت تعديل قواعد التزكيات لتحديد نصاب واضح وحماية بيانات المتزكين من الابتزاز. في قلب التوصيات، دعت إلى تشكيل حكومة موحدة مؤقتة لمدة 24 شهراً، تكون محايدة سياسياً وتركز على إدارة المرحلة الانتقالية، مع رفض تجديد الحكومات الحالية لتجنب تعميق الانقسام.
مخرجات جديدة لتجاوز الانسداد السياسي في ليبيا
لضمان فعالية هذه الخارطة، أكدت اللجنة على إعادة تنظيم آليات الطعن القضائي لتسريع القرارات دون السماح باستخدامها كأداة للعرقلة. كما أوصت برفع تمثيل النساء إلى 30% في البرلمان، وتعزيز تمثيل المكونات الثقافية بـ15% على الأقل، لتعكس تنوع المجتمع الليبي. في الختام، قدمت اللجنة أربعة مسارات محتملة للتنفيذ، مع دعوة لاختيار واحد منها عبر حوار وطني يديره الأمم المتحدون قبل نهاية عام 2025.
يعكس تقرير اللجنة رؤية شاملة تهدف إلى إنهاء الدورة الأزمية في ليبيا، من خلال حلول مترابطة تجمع بين الجوانب الدستورية والسياسية. هذا النهج يتجاوز الحلول العاجلة، ليضمن عملية انتقالية مدروسة تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة وانتخابات موثوقة. النجاح يعتمد على إرادة سياسية محلية حقيقية، بدعم دولي متوازن، وانخراط شعبي مستمر، لتحويل هذه المبادرة إلى خطوة حقيقية نحو الاستقرار الدائم. في النهاية، يطرح السؤال عن قدرة القوى الليبية على استغلال هذه الفرصة لإنهاء سنوات من الصراعات والتأجيلات.
تعليقات