مبادلة تعزز قطاع الصناعات الدوائية في الإمارات بإطلاق "مبادلة بايو"
المقدمة
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية، أعلنت شركة مبادلة للاستثمار، إحدى أكبر شركات الاستثمار الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة، عن إطلاق مبادرتها الجديدة "مبادلة بايو" (Mubadala Bio). تأتي هذه المبادرة في سياق جهود الإمارات لتعزيز قطاع الصناعات الدوائية والحيوية، الذي يُعتبر من أبرز القطاعات الاستراتيجية لتحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز السيادة الوطنية في مجال الصحة. من خلال هذا الإطلاق، تسعى مبادلة إلى تحويل الإمارات إلى مركز عالمي للابتكار الدوائي، مستفيدة من التقدم التكنولوجي والاستثمارات الهائلة في مجال البيوتكنولوجيا والعلوم الحياتية.
خلفية مبادلة وأهميتها في الاقتصاد الإماراتي
مبادلة للاستثمار هي شركة استثمارية حكومية مقرها أبوظبي، تأسست في عام 2002، وتدير أصولاً تزيد قيمتها عن 284 مليار دولار أمريكي. تعمل مبادلة على دعم الرؤية الوطنية للتنويع الاقتصادي، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والصحة. وفقاً لتقارير رسمية، فإن مبادلة لعبت دوراً رئيسياً في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الإمارات، حيث ساهمت في إنشاء شراكات دولية مع كبرى الشركات العالمية مثل جونسون أند جونسون وأسترا زينيكا في مجال الصحة.
إطلاق "مبادلة بايو" يأتي كامتداد لاستراتيجية الشركة في دعم قطاع الصناعات الدوائية، الذي يشهد نمواً سريعاً في الإمارات. وفقاً لتقرير من الهيئة الاتحادية للتجارة والصناعة، بلغ حجم سوق الأدوية في الإمارات حوالي 3.5 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2027. هذا النمو يعزز من مكانة الإمارات كوجهة عالمية للاستثمار في الصحة، خاصة مع تركيز الحكومة على برامج مثل "رؤية 2030" للصحة والابتكار.
ما هي مبادلة بايو وكيف تعزز القطاع الدوائي؟
"مبادلة بايو" هي مبادرة متخصصة تهدف إلى تطوير ودعم الصناعات الحيوية والدوائية في الإمارات. تركز هذه المبادرة على الجوانب التالية:
-
تعزيز الابتكار والأبحاث: تتيح "مبادلة بايو" للعلماء والمطورين الوصول إلى مرافق بحثية متطورة، مثل المختبرات الحديثة في مدينة ماسدار ومنطقة أبوظبي للابتكار. على سبيل المثال، ستدعم المبادرة مشاريع في مجال الأدوية الحيوية (Biopharmaceuticals)، مثل تطوير الأدوية المضادة للسرطان والأمراض المعدية، مستفيدة من تقنيات الجينوم والذكاء الاصطناعي.
-
جذب الاستثمارات والشراكات: من خلال "مبادلة بايو"، تهدف الشركة إلى جذب استثمارات أجنبية إلى قطاع الصحة، حيث أعلنت عن شراكات مع شركات عالمية مثل فايزر ونوڤو نوريسك. هذه الشراكات ستساهم في إنشاء مصانع إنتاج أدوية محلية، مما يقلل الاعتماد على الواردات ويعزز الأمن الصحي الوطني. كما أنها ستؤدي إلى إنشاء آلاف الوظائف في مجالات البحث، التصنيع، والتسويق.
- دعم التنمية المستدامة: في ظل التحديات العالمية مثل جائحة كوفيد-19، أكدت مبادلة أن "مبادلة بايو" ستساهم في تعزيز القدرات المحلية لإنتاج اللقاحات والأدوية الطارئة. هذا يتوافق مع رؤية الإمارات في تحقيق الاكتفاء الذاتي الصحي، حيث يهدف القطاع إلى زيادة مساهمة الصناعات الدوائية في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 5% خلال العقد القادم.
بالإضافة إلى ذلك، ستعمل المبادرة على تطوير برامج تدريبية للشباب الإماراتي، مما يعزز من المهارات في مجال العلوم الحياتية. وفقاً لمدير عام مبادلة، خالد الطريفي، فإن "مبادلة بايو" لن تكون مجرد مشروع استثماري، بل خطوة نحو بناء اقتصاد معرفي يعتمد على الابتكار.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
يُعد إطلاق "مبادلة بايو" نقلة نوعية لقطاع الصناعات الدوائية في الإمارات، حيث يساهم في تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط. من الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن يجذب هذا المشروع استثمارات تزيد عن مليار دولار في السنوات الخمس القادمة، مما يدعم نمو الصادرات الدوائية ويفتح أسواقاً جديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا.
على المستوى الاجتماعي، ستعزز المبادرة الوصول إلى الأدوية الحديثة للمواطنين، مع التركيز على مكافحة الأمراض المزمنة مثل السكري والأمراض القلبية. كما أنها تتماشى مع مبادرات الإمارات في دعم الاستدامة، حيث تهدف إلى تقليل البصمة البيئية من خلال استخدام تقنيات خضراء في إنتاج الأدوية.
الخاتمة
يشكل إطلاق "مبادلة بايو" دليلاً واضحاً على التزام الإمارات بالتحول الرقمي والابتكاري في قطاع الصحة. من خلال تعزيز القطاع الدوائي، تساهم مبادلة في بناء مستقبل اقتصادي قوي ومستدام، يجعل الإمارات منصة عالمية للابتكار. مع استمرار التعاون بين القطاعين العام والخاص، من المتوقع أن تشهد الإمارات نمواً هائلاً في هذا القطاع، مما يعزز مكانتها كقائدة في الشرق الأوسط. في النهاية، تُعد "مبادلة بايو" خطوة إيجابية نحو تحقيق الرؤية الوطنية لاقتصاد معرفي يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا.
تعليقات