شهدت العلاقة بين مصر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تطوراً كبيراً على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث شهدت تعاوناً مكثفاً في مجالات متعددة لدعم التنمية الاقتصادية والمستدامة. أبرز هذا التعاون في الاستثمارات التي بلغت مستويات قياسية، مساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستهدفة وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. من خلال هذا الشراكة، تم تركيز الجهود على مشاريع تُعزز الاستدامة البيئية والنمو الشامل، مما يعكس التزام البنك بدعم الاقتصادات الناشئة مثل مصر.
حجم استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار خلال 2024
في تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تم التأكيد على أن مصر تُعتبر أكبر دولة عمليات للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في منطقة جنوب وشرق المتوسط للسنة السابعة على التوالي. خلال عام 2024، بلغ حجم الاستثمارات 1.5 مليار يورو، والذي يعادل حوالي 84.3 مليار جنيه مصري، وتم توجيه هذه الاستثمارات نحو 26 مشروعاً متنوعاً. أكثر من 98% من هذه المشاريع ركزت على القطاع الخاص، مما يعزز دور القطاع غير الحكومي في الاقتصاد، بينما شكلت التمويلات الأخضرة نحو 50% من الإجمالي، مما يؤكد على التوجه نحو الاستدامة البيئية. منذ عام 2012، نجحت مصر في تطوير محفظة تعاونية مع البنك تصل إلى 13 مليار يورو، أو ما يعادل 730 مليار جنيه، لصالح 194 مشروعاً تنموياً، حيث تم تخصيص 80% من هذه التمويلات لدعم القطاع الخاص وتشجيع الابتكار والنمو الاقتصادي. هذه الاستثمارات ليست مجرد أرقام، بل تمثل خطوات حاسمة نحو تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري في الساحة الدولية.
تطور التمويلات في مجال الطاقة المتجددة
بالإضافة إلى الاستثمارات العامة، شهدت الشراكة مع البنك الأوروبي تقدماً بارزاً في محور الطاقة من خلال برنامج “نوفي”، الذي يهدف إلى تعزيز الطاقة المتجددة. أسفرت هذه الجهود عن حشد تمويلات ميسرة بلغت 3.9 مليار دولار، أو ما يعادل 195 مليار جنيه، لصالح القطاع الخاص منذ إطلاق البرنامج. هذه التمويلات ساهمت في تسهيل استثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل تحسين شبكة الكهرباء لاستيعاب قدرات جديدة، مما يدعم الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة. الجهود مستمرة لجمع استثمارات إضافية تساعد على تنفيذ قدرات طاقة متجددة تصل إلى 10 جيجاوات بحلول عام 2028، وذلك لمواجهة التحديات البيئية وتعزيز التنمية المستدامة. يعكس هذا النهج الاستثماري التزام مصر بالتكامل الدولي، حيث يساهم البنك في بناء بنية تحتية أكثر كفاءة وتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية. مع تركيز متزايد على الابتكار، يمكن لمصر أن تكون نموذجاً للدول الأخرى في المنطقة في مجال الطاقة المتجددة، مما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل. هذه الشراكة ليس فقط تعزز القدرات المحلية، بل تفتح آفاقاً جديدة للاستثمار الأجنبي في قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعة، مما يضمن نمواً متوازناً ومستداماً في ظل التحديات العالمية.
تعليقات