سوريا تظل محتجزة في مرحلة انتقالية!

عندما يسقط الرئيس الديكتاتور ويفقد سلطته في أي بلد، يدخل هذا البلد فوراً في مرحلة انتقالية حاسمة. في هذه المرحلة، تتولى سلطة مؤقتة، مثل مجلس حاكم انتقالي، مسؤولية إدارة الشؤون اليومية لفترة محددة، غالباً ما تتجاوز السنة، حتى يتم تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة تقود إلى تشكيل حكومة جديدة تعكس إرادة الشعب. هذه السلطة الانتقالية تضطلع بدور حاسم، حيث يعتمد مستقبل البلد على قراراتها وقدرتها على بناء نظام سياسي مستقر.

أهمية المرحلة الانتقالية

تشكل المرحلة الانتقالية نقطة تحول أساسية في تاريخ أي بلد يتعرض لتغيير جذري، سواء كان انقلاباً عسكرياً أو انتصاراً شعبياً. في حالات الانقلابات العسكرية الشائعة في الدول النامية، يحاول العسكر غالباً السيطرة على المجلس الانتقالي ليضمن استمرار نفوذهم، مما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج النظام السابق بأشكال مختلفة. ومع ذلك، في سوريا، لم يكن الجيش النظامي طرفاً أساسياً في الأحداث، حيث انهيار بعد سيطرة الشرع، وهو ما يجعل الوضع مختلفاً عن الانقلابات التقليدية. هنا، تولى الشرع السلطة كمجلس انتقالي، مما يُعتبر خطوة مشروعة في سياق الثورات الشعبية، حيث يركز على إقامة نظام جديد عبر انتخابات نزيهة، بدلاً من الحفاظ على الوضع القديم.

في هذه المرحلة، تواجه السلطة الانتقالية خيارين رئيسيين: إما إعادة إنتاج النمط الديكتاتوري السابق، كما يحدث أحياناً في الانقلابات العسكرية حيث يرشح قادة عسكريون أنفسهم ويسيطرون على الانتخابات، أو السعي لتحقيق تغيير حقيقي من خلال ضمان انتخابات رئاسية وبرلمانية تعبر عن أصوات الشعب. في سوريا، يبدو أن حكومة الشرع اختارت الخيار الثاني، مما يعزز فرصة الوصول إلى استقرار دائم. هذا النهج يتطلب من السلطة الانتقالية أن تعمل بمهنية عالية، خاصة إذا كان الجيش متورطاً، لتجنب الوقوع في دائرة الاستبداد مرة أخرى.

التحولات السياسية

في سياق التحولات السياسية، يبرز مفهوم “الطب السياسي” كأداة فعالة لعلاج الأزمات في الدول المضطربة. هذا النهج يشمل استخدام الوساطة النزيهة من قبل منظمات دولية أو شخصيات ذات نفوذ لوقف النزاعات وإعادة الاستقرار، سواء كانت حروباً أهلية محتملة أو اضطرابات سياسية حادة. في حالة سوريا، قد لا تكون هناك حاجة ماسة لوساطة خارجية، لكن التركيز يجب أن يكون على تعزيز التأييد الشعبي من خلال تمثيل كل الفئات، بما في ذلك الأكراد والدروز وغيرهم، لضمان وحدة البلاد واستدامة التنمية السياسية. هذا النهج يضمن أن يتحول البلد إلى نظام يعكس رغبات غالبية الشعب، مما يمنع تكرار الانتفاضات المكلفة ويحافظ على الأمن طويل الأمد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النجاح في التحولات السياسية يعتمد على قدرة السلطة الانتقالية على وضع دستور جديد يعزز المشاركة الديمقراطية ويحمي الحقوق الأساسية. في الدول التي مرت بنهج مشابه، مثل بعض الدول النامية، أدى الالتزام بالانتخابات النزيهة إلى نقل السلطة إلى المدنيين، مما أكد على أهمية عودة الجيش إلى دوره الطبيعي. في سوريا، يمكن أن يؤدي هذا الالتزام إلى إنشاء حكومة تمثل الشعب فعلياً، مما يعزز الاستقرار ويفتح الباب للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. باختصار، التحولات السياسية الناجحة تكمن في التوازن بين الحزم والعدالة، لضمان مستقبل أفضل يتجاوز الصراعات الماضية.