ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، تواجه تحديات قانونية كبيرة حول ممارساتها التجارية، حيث تتهمها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) بممارسة احتكار غير قانوني في سوق وسائل التواصل الاجتماعي. الشركة تقدم دفاعًا قويًا أمام القضاء، مدعية أن استحواذاتها على إنستغرام وواتساب كانت قرارات تجارية ذكية وليس محاولات للسيطرة على السوق. في المحاكمة التي جرت في واشنطن، قدمت FTC أدلة حول كيف ساهمت هذه الاستحواذات في تعزيز هيمنة ميتا، لكن الشركة ترى أن هذه الخطوات كانت ضرورية للمنافسة في سوق ديناميكي.
احتكار أم ذكاء تجاري؟ ميتا تتصدى للاتهامات
في الجلسات الأولى للمحاكمة التي بدأت في 14 أبريل، حاولت FTC إثبات أن ميتا استحوذت على إنستغرام وواتساب للحد من المنافسة الناشئة، مستندة إلى رسائل بريد إلكتروني من الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج يعبر فيها عن قلق بشأن نمو هذه التطبيقات. ومع ذلك، دافعت ميتا بأن هذه الاستحواذات لم تكن تستهدف إنهاء المنافسة، بل كانت جزءًا من استراتيجية تجارية لتعزيز الابتكار. الشركة أكدت أن واتساب لم تكن في طريقها لتصبح منافسًا مباشرًا آنذاك، وأن زوكربيرج كان مدركًا لذلك قبل إتمام الصفقة. كما أشارت ميتا إلى أن نمو إنستغرام شهد ارتفاعًا ملحوظًا بعد الاستحواذ، مما يعكس فوائد الاندماج للمستخدمين.
بالإضافة إلى ذلك، جادلت ميتا بأن FTC فشلت في تحديد الحدود الدقيقة لسوق وسائل التواصل، حيث يتنافس التطبيقات مثل سناب شات وتيك توك مع فيسبوك على جذب انتباه المستخدمين. الشركة نفت أن تطبيقات مثل X وYouTube وReddit يمكن اعتبارها خارج هذا السوق، قائلة إن المنافسة تتمحور حول تقديم المحتوى الأكثر جاذبية للحصول على وقت واهتمام المستخدمين. هذا الدفاع يبرز كيف تضغط ميتا على إعادة تقييم كيفية تعريف السوق، مؤكدة أنها كانت مجبرة على تقليد ميزات تطبيقات أخرى للبقاء في منافسة شرسة.
سيطرة سوقية أم استراتيجيات ناجحة؟
في حال رفض القاضي جيمس بواسبيرغ طلب ميتا لإنهاء القضية بناءً على الأدلة المقدمة حتى الآن، فإن المحاكمة قد تستمر حتى يونيو، مع تقديم الشركة مزيدًا من الأدلة. FTC تسعى إلى إثبات أن هذه الاستحواذات شكلت احتكارًا غير قانوني، مما يهدد التنافسية في السوق، وتطالب بفسخ الصفقات التي حدثت قبل أكثر من عقد. من جانبها، تؤكد ميتا أن قراراتها كانت مبنية على رؤية تجارية، مشيرة إلى أن السوق يشهد تنافسًا مستمرًا من تطبيقات أخرى. إذا ثبت أن ميتا مارست سيطرة غير عادلة، فإن القضية قد تنتقل إلى جلسة ثانية لتحديد الإجراءات اللازمة، مثل فرض غرامات أو إجبار الشركة على بيع الأصول. هذا النزاع يسلط الضوء على توازن المصالح بين الحماية من الاحتكار والتشجيع على الابتكار في عالم التكنولوجيا، حيث يراقب المستثمرون والمنافسون التطورات عن كثب.
في الختام، يمثل هذا الصراع بين ميتا وFTC نقطة تحول في مناقشات التنظيم الرقمي، حيث تبرز أسئلة حول ما إذا كانت الاستحواذات الكبيرة تمثل ذكاءً تجاريًا أم تهديدًا للمنافسة العادلة. مع استمرار المحاكمة، من المتوقع أن تقدم كلا الطرفين مذكرات نهائية، مما قد يؤثر على مستقبل السوق الرقمي وكيفية تنظيم الشركات التكنولوجية الكبرى. هذا الجدل يعكس التحديات المتزايدة في الحفاظ على توازن بين الابتكار والحماية التنافسية في عصر الرقمنة.
تعليقات