أعلنت وكالة الإحصاء الوطنية الروسية عن تباطؤ واضح في أداء الاقتصاد، حيث سجل إجمالي الناتج المحلي نمواً يصل إلى 1.4% فقط في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بمستويات أعلى في الأشهر السابقة. هذا التباطؤ يعكس التحديات التي يواجهها الاقتصاد الروسي، خاصة مع استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، نتيجة للعقوبات الدولية والضغوط الناتجة عن الإنفاق العسكري المرتفع.
نمو الاقتصاد الروسي يواجه التباطؤ
يؤكد هذا النمو الضعيف التحليلات التي أصدرتها مجموعات الرصد الاقتصادي، حيث لاحظت انكماشاً عاماً في النشاط الاقتصادي منذ أشهر، رغم محاولات الحكومة لدعم الاقتصاد من خلال زيادة الميزانية الفيدرالية. التضخم، الذي يبلغ حالياً 10.23%، يفوق بشكل كبير الهدف المرسوم من قبل البنك المركزي الروسي، والذي يهدف إلى الوصول إلى 4% فقط. هذا الارتفاع في الأسعار يعزى إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا وضغوط الإنفاق الحكومي، مما أدى إلى عدم استقرار السوق.
للحد من هذه الضغوط، قرر البنك المركزي الاحتفاظ بسعر الفائدة الرئيسي عند 21%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2003. وعلى الرغم من هذه الإجراءات، فإن التضخم لم يتراجع حتى الآن، مما يشير إلى أن السياسات النقدية وحدها قد لا تكفي لمعالجة الجذور العميقة للمشكلة. في السياق نفسه، تظل الخدمات كأكبر قطاع في الاقتصاد الروسي، مساهمة بنسبة 58% من إجمالي الناتج المحلي، مع تركيز على مجالات مثل تجارة الجملة والتجزئة، والإدارة العامة، والصحة، والتعليم، والعقارات، والنقل.
تباطؤ النشاط الاقتصادي وتوزيع القطاعات
أما في قطاع الصناعة، فإن مساهمته تصل إلى 40% من الإنتاج الإجمالي، مع التركيز على التعدين بنسبة 11%، والتصنيع بنسبة 13%، والتنقيب عن الموارد الطبيعية كمحرك رئيسي. في المقابل، يشكل البناء 4%، بينما تقتصر مساهمة الزراعة على 2% فقط. هذا التوزيع يبرز كيف يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على الموارد الطبيعية والخدمات، لكنه يواجه صعوبة في تحقيق توازن أمام الظروف الخارجية. على سبيل المثال، تجارة الجملة والتجزئة تشكل 17% من إجمالي الناتج المحلي، مما يعكس أهمية السوق المحلي في دعم النمو، على الرغم من الضغوط الخارجية.
مع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً حول كيفية تعافي الاقتصاد الروسي من هذه التحديات. الإنفاق الحكومي المستمر قد يساعد في الحفاظ على بعض النشاط، لكن التباطؤ العام يهدد بتفاقم المشكلات، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. من المتوقع أن تستمر الجهود لتعديل السياسات النقدية والميزانية لمواجهة التضخم، مع التركيز على تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد الشديد على الطاقة والصناعات العسكرية. في نهاية المطاف، يتطلب الأمر توازناً دقيقاً بين الاستجابة للضغوط الداخلية والخارجية لضمان استدامة النمو في المستقبل. هذا الواقع يجسد التعقيدات الاقتصادية التي تواجه روسيا حالياً، حيث يسعى صناع السياسات لاستعادة التوازن رغم الظروف الصعبة.
تعليقات