باول يتوقع رفعاً طويلاً للفائدة

حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمس من إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، نتيجة للتغييرات الاقتصادية الحادة وعدم استقرار السياسات النقدية. في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، أكد باول أن العالم يشهد فترة من الصدمات المتكررة في العرض، مما يعقد مهمة البنوك المركزية في الحفاظ على الاستقرار.

ارتفاع أسعار الفائدة

في خطابه أمام مؤتمر بحثي للسياسة النقدية، شدد باول على أن هذه الصدمات قد تكون أكثر ديمومة، مما يفرض تحديات كبيرة على الاقتصاديين والمصارف. هذا التحذير جاء في سياق مراجعة شاملة لإطار السياسة النقدية، الأولى من نوعها منذ صيف عام 2020، حيث أبرز تغيرات جذرية حدثت في الاقتصاد خلال السنوات الخمس الماضية. على سبيل المثال، شهدت تلك الفترة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، دفع الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ إجراءات سريعة، مثل سلسلة من الزيادات الحادة في أسعار الفائدة. رغم أن توقعات التضخم طويلة الأجل تظل ضمن الهدف المستهدف البالغ 2%، إلا أن باول أشار إلى أن الفترة التي شهدت أسعار فائدة قريبة من الصفر قد تكون قد انتهت نهائيًا، مما يعني ضرورة التكيف مع واقع جديد.

تأثير التضخم

مع تزايد التأثيرات السلبية للتضخم، أوضح باول أن الاقتصاد الأمريكي والعالمي على حد سواء يواجهان صعوبات في السيطرة على هذه الظاهرة، خاصة مع ظهور عوامل خارجية مثل تقلبات الأسواق العالمية والتغيرات المناخية التي تؤثر على سلاسل الإمداد. هذا يجعل من الضروري للبنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، مراجعة استراتيجياتها بانتظام لمواجهة هذه التحديات. على سبيل المثال، خلال السنوات الأخيرة، أدى ارتفاع التضخم إلى زيادة الضغوط على الأسواق المالية، حيث أصبحت الشركات والمستهلكين أكثر عرضة لتكاليف إضافية. باول لم يقتصر حديثه على الولايات المتحدة، بل أشار إلى أن الاقتصادات الناشئة قد تتأثر بشكل أكبر، مما يزيد من مخاطر الركود الاقتصادي إذا لم تتم معالجة هذه القضايا بفعالية.

من جانب آخر، يعتبر هذا التحول في السياسات النقدية فرصة لتعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل. على سبيل المثال، إذا تم تنفيذ زيادات في الفائدة بشكل مدروس، يمكن أن يساعد ذلك في خفض التضخم دون إحداث هبوط حاد في النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، يجب على الحكومات والمصارف التعاون لدعم القطاعات الضعيفة، مثل الصناعات الأساسية والأفراد ذوي الدخل المنخفض، الذين يتضررون بشكل مباشر من ارتفاع التكاليف. باول أكد أن هذه المراجعات للسياسات النقدية ليست فقط ردًا على الأزمات الحالية، بل خطوة نحو بناء اقتصاد أكثر مرونة لمواجهة المستقبل، حيث قد تشهد الأسواق مزيدًا من التقلبات بسبب التطورات التكنولوجية والتغيرات الجيوسياسية.

في الختام، يبقى ارتفاع أسعار الفائدة تحديًا رئيسيًا يفرض على الاقتصادات العالمية التكيف مع الواقع الجديد، حيث أصبح التضخم عاملاً رئيسياً في تشكيل السياسات المالية. هذا المنظور يدفع نحو تبني إجراءات وقائية لتجنب المخاطر المحتملة، مع التركيز على تعزيز الاستقرار الاقتصادي بشكل شامل. كما أن الدروس المستفادة من السنوات الماضية تؤكد أهمية التنسيق بين الجهات الاقتصادية لضمان نمو مستدام وشامل.