أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا الرئيس السوري أحمد الشعرع إلى الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، مع التركيز على ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين من سوريا. هذا اللقاء، الذي جرى خلال زيارة ترامب إلى السعودية، شكل خطوة مهمة نحو إعادة تشكيل العلاقات الدولية في المنطقة، حيث شارك فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حضوريًا، وانضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الإنترنت. استمر الاجتماع لمدة 30 دقيقة، وتناول قضايا حيوية مثل مسؤولية السلطات السورية الجديدة تجاه مراكز احتجاز تنظيم داعش في شمال شرق سوريا، التي تضم آلاف المقاتلين وأفراد أسرهم. كما أكد الشعرع على دعوة الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاعي النفط والغاز، معتبرًا ذلك فرصة لبناء شراكات اقتصادية.
ترامب وجهود التطبيع السوري
في سياق هذا اللقاء، أكد ترامب أن الشعرع يمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا، واصفًا إياه بأنه “شاب جذاب وقوي، ذو ماضٍ قتالي”. خلال تصريحاته للصحفيين على متن طائرته قبل وصوله إلى قطر، وصف ترامب الاجتماع بأنه “رائع”، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية الجديدة تواجه تحديات كبيرة في بسط السيطرة. وقال إنه ناقش مع أردوغان، الصديق المقرب للشعرع، إمكانية الانضمام إلى اتفاقات أبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مضيفًا أن الشعرع أعرب عن استعداده بقوله “نعم”، لكنه أشار إلى أن سوريا بحاجة إلى ترتيب أوضاعها أولاً. كما أبلغ ترامب الشعرع بأهمية تحمل مسؤولية المناطق المتضررة من الإرهاب، بينما كشفت تقارير إعلامية عن اقتراحات لصفقة تجارية تشمل بناء برج يحمل اسمه في دمشق، بالإضافة إلى منح الولايات المتحدة حقوق وصول إلى موارد النفط والغاز، وتهدئة التوترات مع إسرائيل، وتعزيز التعاون ضد إيران.
في السياق نفسه، رحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني باللقاء، مؤكدًا في بيان رسمي أنه خطوة تاريخية نحو استعادة مكانة سوريا، دون الخوض في تفاصيل التطبيع. هذا اللقاء يأتي عشية إعلان ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 2011، والتي شللت الاقتصاد وساهمت في عزلة البلاد. خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي، أشار ترامب إلى أن هذه العقوبات كانت قاسية، لكن الآن يجب على سوريا الاستفادة من هذه الفرصة للنهوض. ومع ذلك، لم يتطرق إلى إزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي فرضت عام 1979 بسبب دعمها لفصائل فلسطينية مسلحة، مما يظل عائقًا أمام الاستثمارات.
فرص التغيير في سوريا
في آراء خبراء، مثل رابحة سيف علام من مركز الأهرام للدراسات، يُعتبر رفع العقوبات خطوة حاسمة لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي، مما يتيح الوصول إلى تمويلات الإعمار ودعم الدول الخليجية. هذا التحول يمكن أن يساعد في فرض سلطة حكومية مركزية، واستقبال تحويلات الملايين من السوريين المهاجرين، مما يعزز الاستقرار. كما عبر الرئيس التركي أردوغان عن شكره لترامب على هذا القرار، معتبرًا إياه دعمًا للجهود في المنطقة. يُذكر أن هذا اللقاء يمثل أول اجتماع بين رئيس أمريكي ورئيس سوري منذ 25 عامًا، عندما التقى بيل كلينتون بحافظ الأسد دون نتائج ملموسة في مسعى السلام مع إسرائيل. الآن، يشكل هذا اللقاء دفعة قوية للشعرع في سعيه لبسط السيطرة على سوريا بعد إزاحة بشار الأسد، مفتحًا الباب لفرص تاريخية في الاقتصاد والأمن، رغم التحديات المتبقية.
تعليقات