قال مراد عابدين محمد حسان، ممثل ملاك الوحدات السكنية المؤجرة تحت نظام قانون الإيجار القديم، إن العديد من المؤجرين يمتلكون شققًا أخرى في أماكن مختلفة، لكنهم يرفضون الرحيل عن هذه الشقق القديمة بسبب الارتباط العاطفي القوي بها، حيث يعتبرونها تحمل “ريحة المرحوم فيها”، أو بمعنى آخر، ذكريات أحباءهم الذين رحلوا. هذا الوضع يعكس التحديات الاجتماعية والعاطفية التي تواجه سياسات الإيجار في مصر، حيث يصر المؤجرون على البقاء رغم توفر خيارات أخرى، مما يعيق عملية التجديد العقاري.
قانون الإيجار القديم وممثلوه
في تصريحاته أمام تليفزيون اليوم السابع، شدد مراد عابدين على ضرورة أن تكون أي زيادة في الأجرة محسوبة بدقة، بحيث تمكن المالكين من توفير سكن مماثل في نفس المنطقة التي يقع فيها العقار. هذا الاقتراح يهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق المؤجرين وحقوق الملاك، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهد ارتفاع أسعار العقارات. على سبيل المثال، إذا كانت الشقق موجودة في أحياء مركزية مثل القاهرة أو الإسكندرية، فإن زيادة الإيجار يجب أن تعكس تكاليف شراء أو استئجار بديل مشابه، مما يحمي الملاك من الخسائر المالية الناتجة عن الإيجارات المنخفضة. ومن جانب آخر، يؤكد عابدين أن هذا النهج سيسهم في تنشيط سوق العقارات وتشجيع الاستثمارات، دون إجبار المؤجرين على مغادرة منازلهم بشكل مفاجئ.
تحديات الإيجارات القديمة
في السياق نفسه، شارك مراد عابدين في اجتماع اللجنة المشتركة بمجلس النواب، والتي تضم لجان الإسكان والمرافق العامة، والإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية، لمناقشة مشروعي القانونين المتعلقين بالإيجارات القديمة. خلال الاجتماع، ركز على ضرورة وضع آليات تكفل الحماية لكلا الطرفين، مع النظر في الجوانب الاجتماعية مثل حالات العائلات الكبيرة أو الأشخاص ذوي الدخل المحدود. هذا الاجتماع يمثل خطوة هامة نحو تعديل القوانين الحالية، حيث يطالب ممثلو الملاك بإصلاحات تضمن لهم عوائد مالية عادلة، في حين يدعو إلى حلول تعامل مع المشكلات الإنسانية للمؤجرين. على سبيل المثال، اقترح عابدين أن تشمل الإصلاحات إمكانية تقسيط الزيادات أو تقديم دعم حكومي للمؤجرين الذين يضطرون إلى الانتقال، مما يقلل من التوترات الاجتماعية.
ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي حول كيفية مواءمة الإصلاحات مع واقع الحياة اليومية للملاك والمؤجرين. في مصر، تشكل الإيجارات القديمة جزءًا كبيرًا من السوق العقاري، حيث يعود تاريخ بعض هذه العقود إلى عقود مضت، مما يعني أن الكثير من الشقق لم يشهد تجديدات أو صيانة مناسبة. هذا يؤدي إلى مشكلات مثل انخفاض جودة السكن وارتفاع مخاطر الانهيار في بعض الأحيان، خاصة في الأحياء القديمة. لذا، يرى عابدين أن القانون الجديد يجب أن يعزز من الاستثمار في الصيانة، مع فرض شروط على الملاك لضمان سلامة المنازل مقابل زيادة الإيجار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم هذا الإصلاح في تحسين الاقتصاد العام، حيث يشجع على بناء وحدات سكنية جديدة ويوفر فرص عمل في قطاع البناء.
في النهاية، يتطلب الأمر توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على التراث العاطفي للمؤجرين وتلبية احتياجات الملاك الاقتصادية. مع تزايد الضغوط السكانية في المدن الكبرى، مثل القاهرة والجيزة، أصبح من الضروري أن يعكس قانون الإيجار القديم هذا الواقع المتغير. يعتقد مراد عابدين أن الاستماع إلى آراء جميع الأطراف، من خلال اجتماعات مثل تلك التي شارك فيها، سيساعد في صياغة قانون عادل يضمن استقرار السكن للجميع، مع النظر في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء. هذا النهج ليس فقط حلاً للمشكلات الحالية، بل خطوة نحو مستقبل أفضل لقطاع الإسكان في البلاد، حيث يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الثقة في السوق العقاري وجذب المزيد من الاستثمارات.
تعليقات