الدرعية: أيقونة تاريخية تتجدد كوجهة عالمية باستثمار 64 مليار دولار

يشكل مشروع الدرعية، كعاصمة أولى للدولة السعودية، نقلة نوعية في الحفاظ على التراث التاريخي والتطوير المستدام. هذه المدينة، التي شهدت ولادة رؤية الإمام محمد بن سعود لتوحيد الجزيرة العربية، تحولت من مركز تجاري مزدهر في العصور السابقة إلى وجهة عالمية تجمع بين العمارة التقليدية والابتكار الحديث. مع وادي حنيفة الخصب وأبنيتها الحجرية الفريدة، كانت الدرعية مرتعًا للخيول العربية الأصيلة وموئلاً للمعالم الثقافية مثل المساجد والمدارس. اليوم، يعيد هذا المشروع إحياء تلك الإرث من خلال برامج طموحة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، رغم التحديات التي واجهتها في الماضي مثل التدهور العمراني في القرن التاسع عشر.

الدرعية: وجهة عالمية تراثية

يعكس مشروع الدرعية التزام المملكة بتحويل هذه المدينة التاريخية إلى مركز ثقافي واقتصادي بارز، حيث أقر الأمير محمد بن سلمان في يناير 2023 تضمينه ضمن المشروعات الكبرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة. يقع المشروع شمال غرب الرياض، وهو مدرج على قائمة اليونسكو كموقع تراث عالمي، مع تكاليف إجمالية تقدر بـ64 مليار دولار تهدف إلى تمويل البنية التحتية والتشييد. من خلال هذا التحول، ستتحول الدرعية إلى قطب سياحي يجمع بين التراث والحداثة، حيث سيضم أكثر من 42 فندقًا فاخرًا وعلامات تجارية عالمية، بالإضافة إلى أكثر من 500 متجر تجزئة و100 مطعم متنوع. كما سيوفر المشروع مساحات مكتبية إبداعية تبلغ 110 آلاف متر مربع، مما يجذب استثمارات أجنبية هائلة ويسهم في تنويع الاقتصاد السعودي وفق رؤية 2030.

عاصمة التراث والتطوير

يعطي المشروع أولوية كبيرة للجوانب البيئية والثقافية، مما يجعله نموذجًا فريدًا لدمج الماضي مع المستقبل. مع تسريع وتيرة الإنجاز، من المخطط افتتاح مشاريع جديدة سنويًا بدءًا من عام 2022، بما في ذلك 6 حدائق تمتد على أكثر من 2 كيلومتر مربع وأكثر من 9 كيلومترات من الممرات للمشي وركوب الدراجات والخيول. سيشمل أيضًا 6 معارض وأكثر من 26 معلمًا ثقافيًا، إلى جانب 400 متجر متنوع و100 سوق للحرف التقليدية والمنتجات اليدوية. كما سيتم تأمين مواقف سيارات تحت الأرض بمساحة مليون متر مربع تستوعب أكثر من 10,500 مركبة، مما يضمن الراحة للزوار. هذه العناصر تجعل الدرعية وجهة ترفيهية شاملة، حيث يتزاوج الغطاء النباتي الغني مع الابتكارات الحديثة لتعزيز التنمية المستدامة.

في هذا السياق، ستكون زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدرعية فرصة لعرض التحولات الكبرى في المملكة، حيث ستبرز المدينة كرمز للتقدم. خلال الزيارة، سيتم استعراض المشاريع الرئيسية التي تهدف إلى إحياء التراث العريق وتحويله إلى مركز ثقافي وسياحي واقتصادي. هذا الاندماج بين التاريخ والمستقبل يعزز مكانة الدرعية كمحطة عالمية، مشجعًا على الاستثمار والتعاون الدولي، ويؤكد دورها كعنصر أساسي في رسم مستقبل المملكة. بشكل عام، يمثل مشروع الدرعية خطوة حاسمة نحو بناء مجتمع مزدهر يحافظ على هويته الثقافية مع الالتزام بالابتكار العصري.