يؤكد الدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، على ضرورة أن تتجه مصر نحو استراتيجية مدروسة لمواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية. في ظل انتهاء برنامج الإصلاحات الاقتصادية الحالي مع صندوق النقد الدولي في عام 2026، يبرز التركيز على تعزيز النمو الاقتصادي، تمويل التنمية، وتقليل التضخم كأولويات رئيسية. هذا النهج يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد، مع الاستفادة من التجارب السابقة لتجنب الاعتماد المفرط على الدين الخارجي، الذي يزيد من الأعباء على المواطنين والموازنة.
الاستعداد لمرحلة ما بعد برنامج صندوق النقد
من الضروري التركيز على حل الأزمات الاقتصادية الملحة التي تواجه مصر، حيث تشمل أزمة الإيرادات العامة، التي تظهر انخفاضاً نسبياً مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، مما يتطلب تطوير نموذج نمو يعزز دخل المواطنين ويوسع قاعدة الضرائب. كما يبرز الاهتمام بأزمة التصدير، حيث تظل نسبة الصادرات منخفضة مقارنة بالدول النامية مثل كوريا الجنوبية وفيتنام، رغم ارتفاع واردات هذه الدول. هذا يفرض ضرورة تحقيق فائض في الميزان التجاري من خلال تعزيز المنافسة العالمية. أما أزمة الادخار القومي، التي تشمل المدخرات الحكومية والخاصة، فهي تحول دون زيادة الاستثمارات، مما يجبر الاقتصاد على الاعتماد على التمويل الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، يشدد محي الدين على تجنب تنفيذ المشروعات خارج الموازنة العامة لضمان الشفافية والاستدامة.
التحضير للتنمية الاقتصادية المستدامة
في مواجهة الصدمات الخارجية والتغيرات في النظام المالي الدولي، الذي يشهد نهاية عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية مع ظهور الحروب التجارية، يجب تعزيز السياسات العامة لتحقيق نمو مستدام. يتضمن ذلك استهداف التضخم، دعم رأس المال البشري من خلال تحسين التعليم، التدريب، والرعاية الصحية، حيث يُعتبر البشر الثروة الحقيقية للاقتصاد من خلال أفكارهم الإبداعية. كما يؤكد على أهمية التعاون الإقليمي لتخفيف تأثير العوامل الخارجية، إلى جانب توطين التنمية المستدامة لضمان توزيع عادل لثمارها عبر المحافظات. هذا يتطلب إصلاحات مؤسسية تُقيم الأداء بناءً على مؤشرات التنمية، مع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، التكنولوجيا، والبنية الأساسية.
أخيراً، يبرز خمسة محاور رئيسية لتنمية الاقتصاد: التنوع الاقتصادي، التحول الرقمي، ضمان المنافسة العادلة من خلال توفير بيانات دقيقة وقوانين تداول المعلومات، بالإضافة إلى جعل الاستثمار في البشر أولوية قصوى. هذه الخطوات ستساهم في حشد التمويل المحلي والأجنبي، مما يضمن نمواً مطرداً ومستداماً، ويساعد مصر على تجاوز التحديات الاقتصادية المستقبلية بفعالية.
تعليقات