من براميل إنجليزية تقليدية إلى موائد مصرية شهية: صانع طرشى يحافظ على رخصة نادرة.. شاهد الفيديو

في قلب الأحياء القديمة في مصر، حيث يلتقي التاريخ بالحاضر، يستمر قصة تراث غذائي عريق يعود إلى عصور مضت. يحتفظ صانع ماهر ببراميل خشبية تراثية، تعود جذورها إلى زمن الاحتلال الإنجليزي، ليصنع منها الطرشي البلدي بطريقة تقليدية تجسد روح الماضي. هذه البراميل، التي نجت من عوادي الزمن، تحول البساطة إلى فن يتناقل من جيل إلى آخر، مما يجعل منتجاته اليومية جزءاً لا يتجزأ من مائدة المصريين اليومية.

صانع الطرشي يحافظ على رخصة نادرة من التاج الملكي

يقول صاحب هذه الحرفة العتيقة، الذي ورثها عن أجداده، إن الرخصة الرسمية النادرة المصدرة عن “التاج الملكي” في محافظة مصر القديمة – والتي تشير إلى الاسم التاريخي للقاهرة – هي دليل على استمرارية هذه المهنة العريقة. هذه الوثيقة، التي تعود إلى عصور مضت، تمنحه الحق في مزاولة صناعة الطرشي، وهي واحدة من أقدم الصناعات الغذائية الشعبية في مصر. بالعودة إلى الجذور، يعتمد هذا الصانع على براميل خشبية قديمة، تم تطويرها أثناء فترة الاحتلال الإنجليزي، ليحافظ على الطعم الأصيل والجودة العالية التي ميزت عائلته عبر الأجيال. في حين أن معظم معامل الطرشي في مصر انتقلت إلى أساليب حديثة، يصر هذا المكان، الذي يتجاوز عمره 120 عاماً، على استخدام هذه البراميل للحفاظ على الطابع التقليدي.

يؤكد الصانع أن هذا النهج ليس مجرد طريقة للإنتاج، بل هو تعبير عن هوية ثقافية متجذرة في المجتمع المصري. الطرشي البلدي، كما يصفه، يحمل طعماً فريداً يبرز بشكل خاص في شهر رمضان، حيث يفضله الناس مع البشطة أو كوجبة جانبية، ويعتبرونه غير قابل للمقارنة مع المنتجات المصنعة. هذا الطعم المميز يأتي من تفاعل الخضروات مع خشب البراميل، مما يضيف رائحة وملمساً لا يمكن تكراره في أي مكان آخر. الزبائن، سواء من الأحياء التقليدية أو المناطق البعيدة، يترددون على مكانه للحصول على هذا المنتج، معتبرين أنه رمز للتراث المصري الحقيقي الذي يعيش وسط هذه البراميل القديمة.

فن تخليل الخضروات التراثي في مصر

في هذا السياق، يمثل فن تخليل الخضروات التراثي في مصر قصة تاريخية حية، حيث تتداخل التقاليد مع الحياة اليومية. يروي الصانع كيف أن أجداده كانوا يعتمدون على هذه الأدوات البسيطة لصناعة منتجات غذائية تعكس بساطة الحياة في مصر القديمة. اليوم، يستمر هذا الفن في جذب الأجيال الشابة، الذين يبحثون عن الذكريات والأصالة في كل قضمة. ليس الطرشي هنا مجرد طعام، بل هو رمز للصمود والاستمرارية، حيث يجمع بين المكونات الطبيعية والأساليب التقليدية ليحافظ على جودة عالية تجعله مفضلاً على المنتجات التجارية. مع مرور الزمن، يظل هذا الإرث حياً، محتفظاً بقيمة ثقافية تعزز من هوية المجتمع المصري.

بات هذا التراث جزءاً أساسياً من المطبخ المصري، حيث يتميز الطرشي المصنوع بهذه الطريقة بمزايا صحية وطعمية لا تقاوم. الزبائن يشعرون بالفخر عند شرائه، معتبرين أنه ليس فقط وجبة، بل قصة تروى عن تاريخ بلادهم. في عالم يسعى للحداثة، يبقى هذا الصانع شاهداً على أهمية الحفاظ على التقاليد، مما يجعل كل برميل قصة مفتوحة على مستقبل أكثر أصالة. هكذا، يستمر الطرشي في الربط بين الماضي والحاضر، محافظاً على مكانته كعنصر أساسي في الثقافة الغذائية المصرية.