خبير يكشف خطة مصر لتحقيق اكتفاء ذاتي من الغاز

في الآونة الأخيرة، قامت مصر بسداد دفعة إضافية بقيمة 1.2 مليار دولار لشركات النفط الأجنبية، وهو جزء من جهودها المستمرة لتسوية المديونيات المتراكمة. هذه الخطوة تشكل جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز الثقة في القطاع الطاقي، حيث يسعى البلد إلى تحسين علاقاته مع المستثمرين الدوليين.

سداد المتأخرات لشركات النفط

مع سداد هذه الدفعة في مطلع مايو 2024، يصل إجمالي المبالغ المدفوعة منذ يونيو 2024 إلى 7.5 مليار دولار، مقارنة بـ6.3 مليار دولار في أبريل الماضي. هذا التقدم يأتي رغم التحديات المالية التي تواجه الحكومة المصرية، حيث تبلغ المستحقات المتبقية للشركات الأجنبية العاملة في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز نحو 3.5 مليار دولار. كما تم الاتفاق على تمديد خطة السداد حتى سبتمبر 2025، بدلاً من يونيو السابق، للتعامل مع التزامات مالية أخرى.

في السياق نفسه، تسعى مصر إلى تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي، الذي تراجع إلى مستويات 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا، في حين يصل الاستهلاك اليومي إلى حوالي 6.2 مليار قدم مكعب، ويزداد إلى 7 مليارات في أوج فصل الصيف. لتشجيع الشركات الأجنبية على زيادة الإنتاج، قدمت وزارة البترول حوافز متنوعة، بما في ذلك جدول سداد واضح للمتأخرات، إلى جانب السماح لبعض الشركاء ببيع النفط والغاز للحكومة بأسعار تتوافق مع أسعار التصدير. هذه الإجراءات تعكس التزام الحكومة بتسديد كامل الديون، مما يعزز الثقة ويساعد في جذب استثمارات جديدة إلى القطاع.

من الجوانب الإيجابية، أكد خبراء في مجال الطاقة أن مثل هذه الخطوات يمكن أن تعيد التوازن إلى القطاع. على سبيل المثال، فقد أشار أحد المتخصصين إلى أن مصر خسرت نسبة كبيرة من إنتاجها الغازي خلال السنتين الماضيتين، حيث بلغ التراجع حوالي ثلث الإنتاج بسبب تراكم المديونيات وانعدام الحوافز للشركاء الأجانب في عمليات التنقيب والاستكشاف. ومع ذلك، فإن القرارات الأخيرة، مثل تقديم حوافز ضريبية للاستثمارات الجديدة والتزام الحكومة بتسديد الديون، قد تسهم في استعادة زخم الإنتاج تدريجيًا. هذا يعني إمكانية العودة إلى مستويات الإنتاج في عام 2022، وربما تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز إذا تم اكتشاف موارد بترولية جديدة.

في الختام، تُعد هذه الجهود جزءًا من رؤية شاملة لتحويل قطاع الطاقة في مصر، حيث يركز على تعزيز الشراكات الدولية وضمان الاستدامة في الإمدادات. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يساهم هذا في خفض الاعتماد على الاستيراد ودعم الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الإنتاج وتحسين العلاقات التجارية مع الشركاء العالميين.

تعزيز الإنتاج في القطاع الطاقي

لتحقيق هذه الأهداف، تعمل مصر على تبني استراتيجيات مبتكرة لجذب المزيد من الاستثمارات، مع التركيز على تطوير التنقيب والاستكشاف. هذا النهج يهدف إلى مواجهة التحديات الحالية مثل نقص الإنتاج والضغوط المالية، من خلال بناء نظام حوافز يشجع الشركاء الأجانب على المشاركة الفعالة. في الواقع، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاج إلى مستويات سابقة، مما يضمن توازنًا أفضل بين العرض والطلب على الغاز، ويساهم في استقرار الاقتصاد الوطني.

ومع تزويد القطاع بالدعم اللازم، من المتوقع أن تشهد مصر نهضة في مجال الطاقة الطبيعية، حيث يتم دمج التكنولوجيا الحديثة مع السياسات المالية المدروسة. هذا الاتجاه ليس فقط يعزز القدرات الإنتاجية، بل يفتح أبوابًا للتعاون الدولي، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة. في نهاية المطاف، يمكن أن يؤدي هذا التحول إلى تحقيق فوائد اقتصادية واسعة النطاق، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.