كريستين، الأولى من نوعها كأستاذة جامعية مسيحية تخرجت في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة بورسعيد، روت قصتها في مقابلة تلفزيونية مع قناة “اليوم السابع”. واجهت العديد من التساؤلات حول اختيارها لهذا المجال، حيث كان من الصعب على البعض أن يتصور طالبة مسيحية تغوص في دراسة العلوم الإسلامية. ومع ذلك، استطاعت كريستين أن تتغلب على هذه التحديات من خلال تفوقها الدراسي البارز. حصلت على المرتبة الأولى في دفعة تخرجها بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، مما فتح أمامها أبواب التعيين كمعيدة في القسم نفسه.
قصة كريستين: الأولى أستاذة جامعية مسيحية في الدراسات الإسلامية
في رحلة كريستين، برزت لحظة حاسمة عندما رفضت الإدارة الجامعية اتخاذ قرار التعيين مباشرة، محتاطة من الآثار الاجتماعية والدينية. تم عرض الموضوع على مرجعية دينية عالية، وهي فضيلة شيخ الأزهر الشريف في ذلك الوقت، الدكتور محمد سيد طنطاوي. أصدر الشيخ قرارًا تاريخيًا يدعم تعيينها، واصفًا إياه بـ”صك العدالة”، حيث كتب: “لتكرم إتخاذ ما ترونه حقًا وعدلاً”. هذا القرار لم يكن مجرد موافقة إدارية، بل كان خطوة نحو تعزيز التسامح والمساواة في التعليم، مما أكد أن الكفاءة العلمية تتجاوز الحواجز الدينية.
خلال سنوات دراستها، بدأت كريستين رحلتها في حفظ القرآن الكريم لأول مرة، متغلبة على رهبة التجويد والتفسير والحفظ. ساعدها زملاؤها المسلمون في الجامعة بإرشاداتهم ودعمهم، بينما لعبت عائلتها دورًا حاسمًا في نجاحها. كانت والدتها تختبرها بانتظام في الحفظ، واستعان والدها بأصدقائه لتوفير شروحات دقيقة وتفسيرات معمقة للنصوص الإسلامية. هذا الدعم الأسري لم يكن مجرد تشجيع عاطفي، بل كان جزءًا أساسيًا من رحلتها التعليمية، مما يعكس قيمة الوحدة والتفاهم بين الأديان.
كريستين تحولت من طالبة مترددة إلى قدوة للعديد من الشباب، خاصة الذين يسعون للاندماج في مجالات متعددة الثقافات. نجاحها يبرز أهمية التعايش السلمي والاحترام المتبادل، حيث أظهرت أن العلم يمكن أن يكون جسراً بين الثقافات. في ظل التحديات الاجتماعية التي واجهتها، مثل التشكيك من بعض الأوساط، استمرت في التمسك بأهدافها، مما جعل قصتها مصدر إلهام للأجيال الجديدة. اليوم، تعمل كريستين كمعيدة في القسم، حيث تساهم في تعليم الطلاب من خلفيات مختلفة، مشجعة على فكرة أن المعرفة لا تعرف حدودًا دينية أو ثقافية.
رحلة النجاح في عالم الدراسات الإسلامية
مع مرور السنوات، أصبحت تجربة كريستين دروسًا قيمة في التعليم العالي، حيث تجسد مبدأ التنوع الثقافي. بدأت رحلتها بالتحدي، لكنها انتهت بانتصار يعزز من قيم التسامح. على سبيل المثال، عندما غاصت في دراسة التفسير والحديث، وجدت أن فهم النصوص يتطلب تفاعلاً حقيقيًا مع التراث الإسلامي، مما غنى معرفتها الشخصية وأثر على نظرتها للعالم. هذا الاندماج بين خلفيتها المسيحية والدراسات الإسلامية يبرز كقصة نجاح فريدة، تشجع على التعلم المتبادل بين الأديان. كما أن دعم الإدارات التعليمية والهيئات الدينية، مثل قرار شيخ الأزهر، يؤكد أن المجتمع يمكنه التغلب على التحيزات عبر الحوار والعدالة. في النهاية، قصة كريستين ليست مجرد حكاية شخصية، بل هي دعوة للجميع لتوسيع آفاقهم وتحقيق التميز في مجالات يبدو أنها بعيدة المنال. هذا النهج يعزز من بناء مجتمعات أكثر اندماجًا وتفاهمًا، مما يجعلها نموذجًا حيًا للتقدم في عالم متغير.
تعليقات