قبل أيام قليلة، مرت مائة يوم على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب منصبه في الفترة الثانية، وهي الفترة التقليدية في الولايات المتحدة لإجراء تقييم أولي لسياسات الإدارة البيت الأبيض. هذه المرحلة تأتي في سياق تزايد الاهتمام العالمي، خاصة مع اقتراب زيارة ترمب الأولى إلى الشرق الأوسط، التي تبدأ في المملكة العربية السعودية ثم تمتد إلى قطر والإمارات العربية المتحدة. يبحث ترمب عن إنجازات سريعة لتعزيز دعم قاعدته الشعبية، وسط تسريبات إعلامية كبيرة تشير إلى اتفاقيات دفاعية استثنائية مع السعودية دون شروط مسبقة، بالإضافة إلى إمكانية الاعتراف الأمريكي الأول بدولة فلسطينية، وقد يشمل البرنامج اجتماعاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع. هذه التطورات تأتي في ظل توترات مع إسرائيل، حيث تشير التسريبات نفسه إلى خلافات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بما في ذلك عدم التنسيق في وقف إطلاق النار مع الحوثيين، وإلغاء زيارة وزير الدفاع الأمريكي، واستبعاد إسرائيل من رحلة ترمب. هذا الوضع يعكس تغييرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية، وسط نقد شديد من وسائل إعلامية كبرى مثل “الفينانشيال تايمز” و”نيويورك تايمز”، وتصريحات من أعضاء البرلمان البريطاني.
مائة يوم لدونالد ترمب: تقييم الإدارة والتحديات
مع مرور هذه الفترة، يواجه ترمب ضغوطاً لإثبات فعالية سياساته، خاصة في مجال الاقتصاد والعلاقات الدولية. الزيارة الوشيكة للشرق الأوسط تمثل فرصة لإعلان إنجازات كبيرة، مثل الاتفاقيات الدفاعية مع السعودية أو خطوات بشأن إيران، مما قد يعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية. ومع ذلك، فإن الخلافات مع إسرائيل تبرز كعامل رئيسي، حيث يُرى أن قرارات ترمب، مثل عدم زيارة تل أبيب، تعكس تحولاً في الأولويات الأمريكية نحو مصالح اقتصادية أكثر من الالتزامات السياسية التقليدية. هذا النهج يثير تساؤلات حول استدامة دعم الإدارة، إذ أن النقد الدولي الحاد يركز على ما يُعتبر تغييرات مفاجئة في السياسة الخارجية، بما في ذلك التركيز على الجوانب الجيواقتصادية بدلاً من الجيوسياسية. في الوقت نفسه، يحتاج ترمب إلى انتصارات سريعة لتعزيز ثقة أنصاره، وهو ما قد يتحدد خلال الأيام المقبلة من خلال نتائج الزيارة.
الرئيس الأمريكي كـ”غورباتشوف جديد”
يُقارن بعض المحللين السياسيين دونالد ترمب بالزعيم السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف، معتبرين أن كلاً منهما يمثل تحدياً للنظم الحاكمة في بلاده. كما أن غورباتشوف أعلن حرباً على الفساد والتأخر الاقتصادي من خلال برنامج البيروزترويكا، فإن ترمب يدعو إلى “إعادة جعل أمريكا عظيمة” من خلال حركة “ماجا”، التي تركز على إصلاحات اقتصادية جذرية. غورباتشوف اعترف بأن العالم تغير وأن الاتحاد السوفيتي بحاجة إلى علاج اقتصادي صدمي للبقاء، وبالمثل، يسعى ترمب إلى قلب المعايير الدبلوماسية التقليدية، مؤكداً أن دور أمريكا المستقبلي سيكون أكثر تركيزاً على الجوانب الاقتصادية العالمية. هذا التحول يعني تحدي التحالفات السابقة وإعادة تعريف العلاقات الدولية، مما قد يؤدي إلى تحولات كبيرة في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، اتفاقيات مثل تلك المحتملة مع السعودية أو الاعتراف بدولة فلسطينية تمثل خطوات تتجاوز السياسات التقليدية، وهي قد تكون جزءاً من أجندة ترمب لتعزيز موقفه داخلياً. ومع ذلك، فإن مثل هذه الخطوات تثير مخاوف من عدم الاستقرار، خاصة في ظل التوترات مع إسرائيل. في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأكبر ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى انتصارات حقيقية تعزز من مكانة ترمب، أم أنها ستواجه مقاومة دولية تزيد من التحديات. هذا النهج الجريء يعكس رغبة في إحداث تغيير جذري، لكنه يتطلب توازناً دقيقاً بين المصالح الاقتصادية والسياسية.
تعليقات