أظهرت دراسة علمية حديثة أن هناك صلة محتملة بين استخدام اليد اليسرى وبعض الاضطرابات العصبية، مع الحرص على الإشارة إلى أن النتائج ليست نهائية وتحتاج إلى مزيد من الدراسات. يُعتقد أن حوالي 10% من سكان العالم يفضلون اليد اليسرى، وفقاً لتحليل بيانات أكثر من 200 ألف شخص، حيث أكد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإصابة باضطرابات مثل التوحد بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالأفراد الذين يفضلون اليد اليمنى. كما لاحظت الدراسة انتشار استخدام اليد اليسرى أو الاستخدام المختلط لليدين لدى مرضى الفصام والإعاقة الذهنية، مما يشير إلى دور محتمل لتطور الدماغ في هذه العلاقة.
استخدام اليد اليسرى وارتباطه بالاضطرابات العصبية
وفقاً للباحثين، يرتبط استخدام اليد اليسرى بتغيرات في الجهة المهيمنة من الدماغ، خاصة تلك المتعلقة باللغة والتفكير، حيث يظهر هذا الارتباط بشكل أقوى في حالات مثل عسر القراءة أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. الدراسة، التي نُشرت مؤخراً، تشير إلى أن الاستخدام المختلط لليدين – حيث يستخدم الشخص يد مختلفة لكل مهمة – يمكن أن يعكس اختلالات عصبية مبكرة. ومع ذلك، فإن هذا الارتباط لم يكن ظاهراً في جميع الاضطرابات، مثل الاكتئاب أو عسر الحساب، مما يؤكد أن العلاقة محددة بالاضطرابات التي تؤثر على النظام اللغوي أو التطور العصبي.
تفضيل اليد غير النمطي وتأثيراته
يُفسر الباحثون أن تفضيل اليد غير النمطي قد يرتبط بأعراض طويلة الأمد في اللغة، مثل التلعثم، نظراً لأن الجانب المهيمن من الدماغ عادة ما يكون مسؤولاً عن معالجة اللغة والمهارات المنطقية. قال خبراء أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى أو اليدين معاً غالباً ما يفتقرون إلى جانب دماغي مهيمن واضح، مما يؤدي إلى توزيع وظائف اللغة بين الجانبين. كما لاحظت الدراسة أن الاضطرابات التي تظهر في سن مبكرة، مثل التوحد، مرتبطة بزيادة حالات استخدام اليد اليسرى، حيث يُعتقد أن تفضيل اليد يتشكل في مراحل أولى من الحياة، ربما قبل الولادة، كما في حالة مص الإبهام أثناء الحمل.
من ناحية أخرى، يمكن أن تساهم هذه الدراسة في تحسين استراتيجيات إعادة التأهيل للمرضى الذين يعانون من حالات دماغية مثل السكتة الدماغية، حيث يساعد فهم تفضيل اليد في تعزيز العلاج. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا الارتباط لا يعني بالضرورة سبباً ونتيجة، فالأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى ليسوا محكومين بالإصابة باضطرابات عصبية. لذا، يؤكد الباحثون على أهمية إجراء دراسات إضافية لفهم هذه العلاقة بشكل أفضل، دون الإفراط في التفسير الذي قد يؤدي إلى قلق أو وصم اجتماعي. في الختام، تبرز هذه الدراسة الحاجة إلى استكشاف كيفية تفاعل العوامل البيولوجية مع التطور العصبي، مع التركيز على دعم الأفراد الذين يواجهون هذه التحديات، خاصة مع ارتفاع معدلات الاضطرابات العصبية في المجتمعات الحديثة.
تعليقات