الإمارات.. عامان من دبلوماسية السلام في مواجهة أطماع وتضليل «سلطة بورتسودان»
المقدمة
في ظل الاضطرابات السياسية والعسكرية التي يشهدها السودان منذ عام 2023، برزت الإمارات العربية المتحدة كقوة دبلوماسية رائدة تسعى لفرض السلام والاستقرار في المنطقة. خلال السنتين الماضيتين، سعت الإمارات بثبات للوساطة بين الأطراف المتحاربة، رافضة أن تكون جزءاً من الصراع، بل شريكاً في بناء السلام. ومع ذلك، واجهت هذه الجهود تحديات كبيرة من جانب ما يعرف بـ"سلطة بورتسودان"، التي اتهمت الإمارات بأنها تتدخل في الشؤون السودانية لتحقيق أطماع اقتصادية أو جيوسياسية، فيما يُعتبر تضليلاً للرأي العام. هذا المقال يستعرض دور الإمارات في دبلوماسية السلام، وكيف واجهت هذه الأطماع والتضليلات، مؤكداً على التزامها بمبادئ السلام الدولي.
جهود الإمارات في دبلوماسية السلام: رحلة من الفعالية
منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، كانت الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي أعلنت دعمها لجهود السلام الدولية. في السنتين اللتين مرتا، عملت الإمارات على عدة محاور رئيسية، مما يعكس نجاحها في تحويل الدبلوماسية إلى أداة للوقاية من الصراعات.
أولاً، شاركت الإمارات في محادثات السلام الدولية، مثل تلك التي نظمتها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. على سبيل المثال، في يوليو 2023، دعمت الإمارات مبادرة الوساطة التي ركزت على وقف إطلاق النار وصون الحياة المدنية، حيث قدمت اقتراحات عملية لإنشاء ممرات إنسانية آمنة. كما قدمت الإمارات دعماً مالياً ولوجستياً لللجان الدولية المكلفة بمراقبة اتفاقيات الهدنة، مما أدى إلى تقليص حجم الدمار في بعض المناطق.
ثانياً، ركزت الإمارات على الجانب الإنساني، حيث قدمت مساعدات طبية وغذائية تجاوزت قيمتها ملايين الدولارات. وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، ساهمت الإمارات في إجلاء آلاف الأشخاص من مناطق النزاع، ودعمت برامج إعادة الإعمار في المناطق المتضررة. هذه الجهود لم تكن مجرد إغاثة عاجلة، بل جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مثل دعم مشاريع الطاقة المتجددة في السودان، التي تهدف إلى خلق فرص عمل وتقليل التبعية على النزاعات.
في السياق ذاته، أكدت الإمارات على أن دورها الدبلوماسي يتماشى مع القانون الدولي، رافضة أي تهمة بالتدخل المباشر. ومع ذلك، فقد واجهت حملات تضليلية من جانب "سلطة بورتسودان"، حيث اتهمتها بالتآمر للسيطرة على موارد السودان، مثل مناجم الذهب وموانئ البحر الأحمر. هذه الاتهامات، التي غالباً ما تفتقر إلى أدلة، أصبحت جزءاً من حملة إعلامية منظمة تهدف إلى تشويه سمعة الإمارات وإعاقة جهودها.
مواجهة أطماع وتضليل "سلطة بورتسودان": تحديات الدبلوماسية
"سلطة بورتسودان"، وهي تمثل جزءاً من السلطة الرسمية في السودان التي تسيطر على المناطق الساحلية، اتهمت الإمارات بأنها تسعى لتحقيق أطماع اقتصادية من خلال دعم فصائل معينة في الصراع. هذه الاتهامات تشمل ادعاءات بأن الإمارات تريد السيطرة على ميناء بورتسودان، الذي يُعد مركزاً تجارياً حيوياً يربط السودان بالعالم، لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر. وفي بعض الحالات، وصف بعض الإعلام الموالي لهذه السلطة الإمارات بأنها "قوة استعمارية جديدة"، مستخدمة تضليلات إعلامية لتعميم الشكوك.
ومع ذلك، فإن هذه الأطماع المزعومة لا تتطابق مع الواقع. في الواقع، عملت الإمارات على فضح هذه التضليلات من خلال التعاون مع المنظمات الدولية. على سبيل المثال، ردت الإمارات على هذه الاتهامات بإصدار بيانات رسمية توضح أن دورها يقتصر على الوساطة والدعم الإنساني، وأن أي محاولة لتشويه سمعتها تهدف إلى إطالة أمد الصراع. كما أن الإمارات استغلت قنواتها الدبلوماسية للضغط على الأطراف المتحاربة، مما أدى إلى توقيع اتفاقيات هدنة مؤقتة في 2024، رغم المقاومة من بعض الجهات.
في مواجهة هذه التحديات، اعتمدت الإمارات استراتيجية متوازنة تجمع بين الدبلوماسية العلنية والسرية. على سبيل المثال، نظمت اجتماعات مع ممثلي السودان في أبوظبي، حيث ركزت على بناء الثقة بدلاً من فرض القرارات. هذا النهج كشف عن أن الأطماع الحقيقية كانت من جانب "سلطة بورتسودان" نفسها، التي سعت لاستغلال الصراع لتعزيز نفوذها الإقليمي، مما أدى إلى تأخير السلام.
الخاتمة: نحو مستقبل أكثر أمناً
بعد عامين من الجهود الدؤوبة، تظل الإمارات العربية المتحدة رمزاً لدبلوماسية السلام في مواجهة التحديات. رغم أطماع وتضليل "سلطة بورتسودان"، نجحت الإمارات في الحفاظ على دورها كوسيط محترم، مما ساهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني وتعزيز الجهود الدولية للسلام. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في فضح التضليلات وتشجيع الحوار البناء. في المستقبل، يجب أن تستمر الإمارات في تعزيز هذه الدبلوماسية، ليس فقط في السودان، بل في جميع المناطق المتضررة، متسلحة بقيم السلام والتعاون الدولي. إن نجاح الإمارات يذكرنا بأن الدبلوماسية، عندما تكون مبنية على الصدق، هي الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم.
تعليقات