ناسا تراقب أسراب العوالق من الفضاء لإنقاذ الحيتان المهددة في شمال الأطلسي

تُواجه حيتان شمال الأطلسي الصائبة إحدى أكبر التهديدات بالانقراض، حيث تتسبب حوادث الاصطدام بالسفن والاتصال العرضي بمعدات الصيد في خسائر كبيرة بين هذه الأنواع المهددة. لمواجهة ذلك، يعتمد العلماء على تتبع مصادر غذاء الحيتان، مثل القشريات العوالقية الحمراء المعروفة باسم كالانوس فينمارشيكوس. من خلال بيانات الأقمار الصناعية لناسا، أصبح من الممكن اكتشاف تجمعات هذه العوالق على سطح المحيط، مما يساعد في رسم خرائط دقيقة لنمط هجرة الحيتان وتقليل مخاطر تعرضها للخطر.

ناسا ترصد العوالق لدعم الحياة البحرية

في دراسة حديثة، يعتمد العلماء على أداة مطياف التصوير متوسط الدقة (MODIS) الموجودة على قمر ناسا الصناعي “أكوا” لمراقبة تغيرات لون سطح المحيط الناتجة عن تزايد أعداد العوالق الحمراء. هذا الجهاز يقيس كيفية تأثير الصبغة الحمراء، المعروفة باسم الأستازانتين، على امتصاص أشعة الشمس وانعكاسها، مما يسمح بتحديد مواقع أسراب كالانوس فينمارشيكوس في مناطق مثل خليج مين. منذ بضع سنوات، جرى اختبار تقنيات مشابهة في البحار النرويجية، وأصبحت الآن مطورة لتغطية مسارات هجرة الحيتان. بفضل دمج بيانات الأقمار الصناعية مع نماذج ميدانية، يمكن للباحثين تقدير كثافة هذه الكائنات المجهرية وإنشاء صور مفصلة تكشف عن أماكن تراكزها، مما يعزز الجهود لحماية الحيتان من الاصطدامات غير المقصودة.

مراقبة المحيطات عبر التكنولوجيا

مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الفضائية، تبقى هناك تحديات مثل تأثير الغطاء السحابي أو أمواج البحر الهائجة على دقة الرصد، حيث يركز جهاز MODIS على الصبغة الحمراء فقط، مما قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ لأنواع أخرى من الكائنات الصغيرة. ومع ذلك، يعد قمر ناسا الجديد PACE، الذي أطلق في عام 2024، خطوة كبيرة نحو تحسين هذه القدرات. يستخدم PACE أداة متقدمة ترصد أكثر من 280 طول موجي للضوء، مما يوفر تحليلاً أدق لأنواع العوالق النباتية والحيوانية، ويساعد في رسم صورة أكثر شمولاً عن نظام المحيطات. هذا النهج المتطور يمكن أن يعزز الفهم العلمي لنمط الهجرة لدى الحيتان الصائبة، حيث يرتبط تواجدها مباشرة بتوافر مصادر الغذاء.

في الختام، يمثل هذا الدمج بين التكنولوجيا الفضائية والدراسات البيئية خطوة حاسمة نحو الحفاظ على التوازن البيئي في المحيطات. من خلال مراقبة دقيقة لأسراب العوالق، يمكن توقع مسارات الحيتان وتجنب المناطق الخطرة، مما يقلل من معدلات الوفيات ويعزز الجهود العالمية للحماية. هذا النهج ليس مجرد أداة للرصد، بل خطة استراتيجية لضمان بقاء هذه الأنواع المهددة، مع الاستفادة من تقنيات مستقبلية لتحقيق رصد أكثر كفاءة ودقة للبيئات البحرية.