أمريكا تفصل المشروع النووي السعودي عن شرط التطبيع مع إسرائيل

تراجعت الولايات المتحدة عن شرط ربط التطبيع بين السعودية وإسرائيل بمحادثات التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية مع الرياض، وفق معلومات من مصادر مطلعة. هذا التحول يأتي قبيل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقبلة، مما يشير إلى تغيير في السياسة الأمريكية لتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

تراجع الولايات المتحدة عن شرط التطبيع

في خطوة تُعتبر تنازلاً كبيراً، قررت واشنطن التراجع عن إلزام إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل كشرط أساسي في المفاوضات النووية. كانت هذه المحادثات، خلال عهد الرئيس جو بايدن السابق، جزءاً من صفقة أوسع تشمل التطبيع والتعاون الدفاعي. الآن، مع عودة ترامب، يبدو أن القضية مفصولة عن هذه الاتفاقيات الواسعة، رغم أن السعودية أكدت مراراً عدم الاعتراف بإسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة. هذا الموقف تضاعفه الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023، التي أثارت غضباً عربياً واسعاً وأوقفت أي تقدم نحو التطبيع.

بالإضافة إلى ذلك، تعثرت المفاوضات النووية بسبب مخاوف أمريكية بشأن الانتشار النووي في المنطقة. ومع ذلك، أشار وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، خلال زيارته للسعودية في أبريل الماضي، إلى أن البلدين يتقدمان على “مسار” نحو اتفاق نووي مدني. في السياق نفسه، أكد متحدث بمجلس الأمن القومي الأمريكي أن أي تطورات ستنبع من الرئيس مباشرة، مشدداً على أن التقارير الحالية تظل تكهنات.

التنازل الأمريكي في المفاوضات النووية

رغم هذا التراجع، يبقى الوصول إلى اتفاق نووي نهائي بعيداً بسبب نقاط عالقة، مثل “المادة 123” من قانون الطاقة الذرية الأمريكي، التي تفرض قيوداً على تخصيب اليورانيوم لمنع انتشاره. الجانب السعودي يصر على الحق في تخصيب اليورانيوم وتصديره، كما أن الرياض غير راغبة في توقيع اتفاق يمنع أنشطة مثل معالجة البلوتونيوم، التي قد تؤدي إلى إنتاج أسلحة نووية. وفق مصادر، يتم مناقشة حلول بديلة مثل “ترتيب الصندوق الأسود”، حيث يقتصر الوصول إلى المنشآت على خبراء أمريكيين.

يسعى السعوديون إلى بناء قدراتهم في الطاقة النووية لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، مما قد يحرر كميات إضافية من البراميل للتصدير. ومع ذلك، أعرب نشطاء مراقبة التسلح عن مخاوفهم، خاصة بعد تصريحات ولي العهد محمد بن سلمان بأن السعودية ستطور أسلحة نووية إذا فعلت إيران ذلك. في الوقت نفسه، تجري الولايات المتحدة محادثات مع إيران للحد من برنامجها النووي، الذي تصفه واشنطن بأنه يهدف إلى الأسلحة، بينما تنفي طهران ذلك.

خلال زيارة ترامب القادمة، ستكون على رأس الجدول صفقات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك اتفاقيات تسليح تتجاوز 100 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات سعودية محتملة تصل إلى تريليون دولار في الولايات المتحدة. هذه الزيارة تعكس جهود ترامب في تعزيز العلاقات مع دول الخليج، كما حدث خلال ولايته الأولى، حيث شهدت استثمارات سعودية في مشاريع مرتبطة بأفراد من إدارته، مثل جاريد كوشنر. هكذا، يبدو أن التراجع الأمريكي يفتح أبواباً للتعاون الاقتصادي والأمني، رغم التحديات المستمرة.